مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص316
وبيان ذلك: ان العقود قد يعتبر فيها القبول وقد لا يعتبر فيها الا الرضاء بفعل الموجب بلا حاجة الى انشاء آخر غير ما صدر من الموجب: أما القسم الثاني فيما انه لا يعتبر فيه القبول ويكفي فيه مجرد الرضاء لم يفرق فيه بين تقدم الرضاء وتأخره، فلو استدعي زيد عمروا في بيع داره فاذن له صح لزيد بيعها وان لم يتحقق منه انشاء لقبول الوكالة.
نعم هذا القسم من الوكالة الاذنية – التي تتقوم بالاذن الساذج – لا يترتب عليه حكم الوكالة العهدية – التي تقوم بالالزام والالتزام من الطرفين – وعليه فإذا رجع عمرو عن اذنه لم يصح بيع زيد بعده وان لم يبلغه الرجوع.
ومن هذا القبيل العارية والوديعة فانهما ايضا لا يحتاجان الى القبول، ويكفي في تحققهما مجرد رضاء المستعير والمستودع بانشاء المالك، بل وكذلك الحال في الوصية، فإذا أوصي بمال لزيد لم يعتبر في صحتها الا رضاء زيد بالتمليك من دون حاجة الى القبول.
وعلى الجملة ان الحاجة الى الرضاء في هذه العقود كالحاجة الى رضاء الزوجة في صحة التزويج على بنت اختها أو بنت اخيها، ومعهلا موجب لاعتبار تأخر القبول في العقود المزبورة، لانه يكفي فيها مجرد الرضاء، سواء تأخر عن الايجاب ام تقدم عليه.
أما القسم الاول – أعني به العقود العهدية – فهو لا يوجد في الخارج الا بانشاء المعاهدة والمعاقدة من الجانبين، ولكن لا دليل على كون احد الانشائين معنونا بعنوان الايجاب وكون الاخر معنونا بعنوان القبول – بمعناه المطاوعي – لكي يستحيل تقدم الثاني على الاول، بل ذكرنا قريبا انه إذا صدق على المنشأ بهما عنوان من عناوين المعاملات – كالعقد