مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص314
إذ مع تقدمه لا يتحقق النقل في الحال، ضرورة أن الراضي بمعاوضة ينشئها الموجب في المستقبل لم ينقل ماله في الحال الى الموجب، والسر في ذلك ان كلمة قبلت وأشباهها قد اخذ فيها مفهوم المطاوعة ولا يتحقق ذلك في الخارج الا بتقديمها على الايجاب.
وإذا وقع القبول بالقسم الثاني لم يجز تقديمه على الايجاب ايضا، لانه لا يعد قبولا للايجاب المتأخر وانما هو استدعاء واستئجاب، بل لو قلنا بجواز التقديم بلفظ قبلت لامكن المنع هنا، بناء على اعتبار الماضوية في الايجاب والقبول، وقد نص جمع كثير بعدم جواز التقديم هنا (1).
وإذا وقع القبول بالقسم الثالث – أعني به ابتعت واشتريت وملكت مخففا – جاز تقديمه على الايجاب، لانه عندئذ لم يؤخذ فيه عنوان المطاوعة لكي يستحيل تقديمه عليه، وانما استفيدت المطاوعة من القرائن المقامية، وهي ان النقل يتحقق – غالبا – من قبل البائع قبل تحققه من قبل المشتري، ومن البين ان هذه القرينة غير مانعة عن تقديم القبول على الايجاب، بديهة ان المشتري قد انشأ بالالفاظ المذكورة مليكة المثمن لنفسه بازاء الثمن، ولا يفرق في ذلك تقدمها على الايجاب وتأخرها عنه.
ثم انه ( رحمه الله ) تكلم في سائر العقود الى ان قال: وأما المصالحة المشتملة على المعاوضة، فلما جاز ابتداء الالتزام بها لكل من المتصالحين – لتساوي نسبتها اليهما – كان البادي منهما موجبا لصدق عنوان الموجبعليه لغة وعرفا، ولكن لما انعقد الاجماع على توقف العقد على القبول
1 – الغنية: 214، الخلاف 3: 39، المبسوط 2: 87، السرائر 2: 249، نهاية الاحكام 2: 449، جامع المقاصد 4: 59، مفتاح الكرامة 4: 161، المسالك 3: 153.