پایگاه تخصصی فقه هنر

مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص291

أقول: قد نوقش في هذا الكلام بأن كثيرا من المفسرين قد صرحوا باستعمال لفظ الاشتراء في البيع في قوله تعالى: بئسما اشتروا به انفسهم ان يكفروا بما انزل الله (1)، بدعوى ان البيع والشراء ازالة الملك الى غيره بعوض يعتاضه منه، ثم استعمل ذلك في كل معتاض من عمله عوضا، سواء أكان ذلك العوض خيرا ام كان شرا، وعليه فاليهود لما اوبقوا انفسهم واهلكوها بكفرهم بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) سجل الله تعالى عليهم الذم والتوبيخ، وقال: بئسما اشتروا به انفسهم أي بئس شيئا باعوا به انفسهم ورضوا به عوضا عن انفسهم، حيث القوها في المهلكة الابدية والعذاب الدائم.

وتندفع هذه المناقشة بأن الازراء والتوبيخ – في الاية الكريمة – ليس على كل واحد من اليهود مع قطع النظر عن غيره، لكي يتوهم انه لا معنى لنسبة الاشتراء إليهم الا بارادة البيع، وان كل فرد منهم قد باع نفسه بالكفر والزندقة والالحاد، بل الازراء والتوبيخ راجع الى جميعهم بلحاظ معاملة بعضهم مع بعض، حيث اشترى جمع منهم دين جمع آخر منهم بثمن بخس، فصار كل واحد منهم بائعا من جهة ومشتريا من جهةاخرى، وحين ذاك فلا دلالة في الاية الكريمة على ارادة البيع من الاشتراء، بل يمكن ان يراد من لفظ الاشتراء فيها معناه المتعارف.

وتوضيح ذلك اجمالا: ان عوام اليهود قد عرفوا علماءهم بالكذب الصريح واكل الحرام، وتغيير الاحكام وتحريفها عن وجهها بآرائهم المرجفة واهوائهم الفاسدة وافكارهم المضلة، وعرفوهم بالاقوال الكاذبة والاعمال الخبيثة والبضاعة الزهيدة، وعرفوهم بالتعصب الشديد، والتغالب

1 – البقرة: 90.