مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص283
الانشاء بهما مطلقا، أي سواء أكان اللازم والملزوم – في الكناية – متساويين أم لا، وسواء أكان المجاز قريبا أم لا، وان لم يكن لتلك الالفاظ ظهور عرفي في افادة المقصود وابراز الاعتبار النفساني ولم ينطبق عليها شئ من عناوين العقود عرفا، فلا يصح بها الانشاءاصلا.
ومن هنا تجلي لك انه لا وجه للفرق بين المجاز القريب والمجاز البعيد، بأن يلتزم بصحة الانشاء بالاول وبفساده بالثاني (1)، كما أنه لا وجه صحيح لما أفاده المصنف من الالتزام بصحة الانشاء بالالفاظ المجازية إذا كانت محفوفة بالقرينة اللفظية، وبعدم الصحة إذا كانت محفوفة بالقرينة غير اللفظية.
بل العجب منه ( رحمه الله )، فانه بعد ما فسر اعتبار الحقائق في العقود باعتبار الدلالة اللفظية الوضعية، وان كان الدال على الانشاء من الالفاظ المجازية، قال: وهذا بخلاف اللفظ الذي يكون دلالته على المطلب لمقارنة حال أو سبق مقال خارج عن العقد، فان الاعتماد عليه في متفاهم المتعاقدين – وان كان من المجازات القريبة جدا – رجوع عما بني عليه، من عدم العبرة بغير الاقوال في انشاء المقاصد، ولذا لم يجوزوا العقد بالمعاطاة ولو مع سبق مقال أو اقتران حال تدل على ارادة البيع جزما.
ووجه العجب ان احتفاف اللفظ بالقرينة غير اللفظية لا يخرج دلالته على معناه عن الدلالة اللفظية، بديهة ان الدلالة اللفظية عبارة عن انفهام المعنى من اللفظ، سواء أكانت حيثية الدلالة مكتسبة من القرائن – لفظية كانت أو غيرها – ام كان اللفظ بنفسه دالا على المقصود، فانه على
1 – كما عن المحقق الثاني 4: 207، حكاه عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 149.