مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص276
ذلك القيد ام لا، الظاهر هو الاول، بديهة ان القاعدة الاولية تقتضي صحة الانشاء بكل ما هو قابل لابراز الاعتبار النفساني، سواء فيه الفعل واللفظ، ولكن المغروس في كلمات الاصحاب والمودع في كتبهم هو قيام الاجماع على اعتبار اللفظ في العقود والايقاعات.
وقد ذكرنا مرارا ان الاجماع دليل لبي، فلابد وان يؤخذ منه بالمقدار المتيقن، ومن البديهي ان القدر المسلم من الاجماع – على تقدير تحققه هنا – انما هو فرض تمكن المتعاقدين من الانشاء اللفظي، ومع عدم التمكن من ذلك يرجع الى القاعدة الاولية ويحكم بعدم اعتبار اللفظ في العقود والايقاعات، الا مع قيام الدليل الخاص على الاعتبار المزبور، كقيامه على اعتبار مطلق اللفظ في عقد الزواج، وعلى اعتبار لفظ خاص في انشاء الطلاق.
على هذا الضوء فإذا شككنا في صحة عقد الاخرس المنشأ بالاشارة مع تمكنه من التوكيل، أو شككنا في صحة عقده المنشأ بالكتابة مع تمكنه من الاشارة – بناء على تقديمها على الكتابة – رجعنا الى العمومات والمطلقات الدالة على صحة العقود ونفوذها.
وقد ظهر لك مما ذكرناه ان مقتضي القاعدة هو الحكم بلزوم معاطاة الاخرس – من حين العقد – حتى على القول بأنها تفيد الاباحة مع التمكن من اللفظ وانها لا تفيد الملكية، وذلك لعدم العلم بشمول الاجماع الذيتوهم قيامه على جواز المعاطاة أو افادتها الاباحة، لصورة عدم التمكن من اللفظ.
وهذا هو السر في تعرض المصنف لمسألة المعاطاة هنا في طي كلامه مع انه قضي أمرها قريبا، وهذا نصه في المقام: ثم لو قلنا بأن الاصل في المعاطاة اللزوم بعد القول بافادتها للملكية، فالقدر المخرج صورة قدرة المتبايعين على مباشرة اللفظ.