مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص230
ولكن يتوجه عليه ان النقل انما هو في عالم الاعتبار كالتمليك في البيع وغيره، والاعتبار أمر قائم بالنفس واللفظ أو الفعل مبرز له، ولا مانع من ان يكون الفعل مبرزا لاعتبار الانتقال وان كان هو الاشارة ونحوها.
أما التدبير والوصية، فمنشأ المناقشة فيهما انما هو حصر الانشاء المعاطاتي بالاعطاء والاخذ الخارجيين، فانه لا يعقل انشاء العناوين المذكورة بذلك، بداهة أنهما أمران استقباليان فيستحيل انشاؤهما بفعل يتحقق قبل الموت، وعليه فكل ما يوجد في الخارج من الافعال لا يكون مصداقا للتدبير أو الوصية.
والجواب عن ذلك: ان عنوان المعاطاة لم يرد في دليل خاص لكي يقتصر على تحقق التعاطي من الطرفين حفظا لذلك العنوان، بل انما التزمنا بمشروعية المعاملات المعاطاتية من ناحية قيام الفعل مقام القولفي ابراز الامور النفسانية، وعلى هذا فلا يختص الانشاء الفعلي بالاعطاء، والاخذ الخارجيين، بل يجري ذلك في جميع ما هو قابل لابراز الاعتبار النفساني من الاشارة وغيرها، ومن هنا يصح طلاق الاخرس بالاشارة المفهمة.
وعلى الجملة ان القاعدة الاولية تقتضي جريان المعاطاة في جميع العقود والايقاعات، بداهة أنها ليست الا الاعتبارات النفسانية المبرزة بمبرز خارجي فعلي أو قولي، فانه على كل حال يصدق على المنشأ عنوان العقد أو الايقاع، فيكون مشمولا للعمومات والاطلاقات الدالة على صحة العقود والايقاعات.
نعم ثبت اعتبار مطلق اللفظ في انشاء عقد النكاح، واعتبار لفظ خاص في انشاء الطلاق، وعليه فيكون ذلك تخصيصا للقاعدة المذكورة كما لا يخفى.