مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص199
ان الدليل على هذه الاباحة انما هو الاجماع، والاجماع دليل لبي فلا يؤخذ منه الا بالمقدار المتيقن.
ولكن الذي يسهل الخطب ان الاجماع بل السيرة ايضا قائم على جواز التصرف في المأخوذ بالمعاطاة، وان كان التعاطي من طرف واحد، ولذا نري بالعيان ونشاهد بالوجدان ان الناس على اختلاف طبقاتهم وتشتت أصنافهم يتعاملون فيما بينهم بالمعاملة المعاطاتية في الاشياء الحقيرة والخطيرة، ولم نر ولم نسمع الى الان ان يتوقف احد في جواز التصرف في المأخوذ بالمعاطاة، حتى مع تحقق التعاطي من طرف واحد، مع أن المغروس في أذهان القدماء والمشهور فيما بينهم ان اغلب المعاملات المعاطاتية انما تنعقد بالتعاطي من طرف واحد، ويكون الاعطاء من ناحية الاخذ وفاء بالتزامه لا قبولا للايجاب المتقدم، وقد تقدم ذلك آنفا، نعم لو شك في دخوله في معقد الاجماع لاتجه الحكم بعدم دخوله فيه كما هو واضح.
هل تنعقد المعاطاة بمجرد ايصال الثمن وأخذ المثمن؟ وقد يتوهم انعقاد البيع المعاطاتي بمجرد وصول المثمن الى المشتري ووصول الثمن الى البائع بأى نحو اتفق، وان لم يصدق عليه الاعطاء فضلا عن التعاطي، والوجه في ذلك ما اسلفناه سابقا، من ان عنوان المعاطاة لم يرد في آية ولا في رواية ولا في معقد اجماع لكي ندور مدار هذا العنوان، ونجعله موردا للنقض والابرام، ومركزا للنفي والاثبات، بل انما عبر بها عن المعاملة الخاصة المتعارفة بين الناس، واذن فيكون المدار في ذلك هو الصدق العرفي عليه.
فأي فعل كان قابلا لابراز ما في النفس من اعتبار الملكية صدق عليه