مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص160
= وان كان المراد منها هو جواز الرجوع الى العين واسترجاعها من الاخذ بالمعاطاة، فلا ريب في أن ذلك لم يكن موجودا سابقا وانه مشكوك الحدوث فعلا، فالاصل يقتضي عدمه دون بقائه.
وان كان المراد منها ان الملكية الثابتة للمالك لها مراتب شتي التي لم يعلم زوال جميعها بالبيع المعاطاتي، بل من المحتمل القريب ان الملكية إذا زالت بحدها الاقوى بقيت منها المرتبة الضعيفة، كما ان الالوان تزول مرتبتها القوية وتبقى مرتبتها الضعيفة، ان كان المراد من بقاء علقة المالك هو ذلك فيرد عليه: أولا: ان الملكية من اية مقولة كانت – جدة أو اضافة – ليست قابلة للشدة والضعف حتى تعتبر بحدها الضعيف تارة وبحدها القوي تارة اخرى، بل هي أمر بسيط فإذا زالت زالت بأصلها.
ثانيا: انا لو سلمنا كون الملكية الحقيقية ذات مراتب، لكنا لا نسلم جريان ذلك في الملكية الاعتبارية، بداهة أن اعتبار أية مرتبة منها مغائر لاعتبار مرتبتها الاخرى، وعليه فإذا زال اعتبار المرتبة القوية لم يبق بعده اعتبار آخر.
وان كان المراد من بقاء علقة الملك هو بقاء سلطنته وقدرته على التصرف في العين وعدمجواز مزاحمته في تصرفاته في ذلك، إذ الملكية والسلطنة أمران متغائران ولذا ينفك أحدهما عن الاخر كما سيأتي، فيتوجه عليه ان السلطنة وان كانت مغائرة للملكية ولكن التغائر بينهما من قبيل تغائر الحكم وموضوعه، لان الملكية موضوع للسلطنة، واذن فتدور السلطنة مدار موضوعها.
نعم قد ينفك أحدهما عن الاخر لدليل خاص، ولذا ان المحجور مالك ولكنه ممنوع عن التصرف في ماله لسفه أو جنون أو صغر أو فلس، وايضا ان الحاكم والولي والوصي لهم السلطنة على اشخاص خاصة، ولكنهم ليسوا بمالكين.
قيل: ان المتيقن في المقام انما هو سقوط الملكية، وأما السلطنة الثابتة للمالك فزوالها مشكوك فيه فنستصحبها.
والجواب عن ذلك: ان قوام الاستصحاب انما هو باتحاد القضية المتيقنة والقضية المشكوكة، ومن الواضح انه لا اتحاد بينهما في المقام، لان القضية المتيقنة انما هي السلطنة المترتبة على الملك ترتب الحكم على موضوعه كما عرفته قريبا، والقضية المشكوكة انما هي السلطنة العارية عن الملك، إذ المفروض زوال الملكية بالمعاملة المعاطاتية.
وأضف الى ذلك ان استصحاب السلطنة يقتضي ثبوتها للمالك الاول، بأن يكون له التصرف في العين، ولا ريب في أن هذا لا يفيدنا شيئا، لان غرضنا اثبات العلقة للمالك الاول بحيث تسلب بها مالكية المتعاطي، ولا شك في انه لم يكن للمالك الاول هذه السلطنة من أول الامر، واذن فلا يكون استصحاب السلطنة حاكما على أصالة اللزوم.