مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص135
لصاحبه بالمعاملة المعاطاتية، واذن فيجوز للاول اخذ الحقوق الشرعية المقررة للفقراء والمساكين ولا يجوز ذلك للثاني وان لم يكن عنده ما يكفيه ولعياله سنة واحدة، ومن الظاهر ان هذا أمر عجيب.
وقد أجاب المصنف عن جميع الامور المذكورة بما هذا لفظه: وأما ما ذكره من تعلق الاخماس والزكوات الى آخر ما ذكره، فهو استبعاد محض، ودفعه بمخالفته للسيرة رجوع إليها (1).
1 – لا يخفى عليك ما في عبارة المصنف من الغلق والاضطراب واشتباه المراد، كما يظهر لمن يعطف النظر على كلمات المحشين، والذي نفهمه منها انه لا مانع من الالتزام بعدم تعلق الامور المذكورة بالمأخوذ بالمعاطاة مع بقاء مقابله وعدم تصرف كل من المتعاطيين فيما بيده، بداهة انه لا محذور في الالتزام بذلك الا الاستبعاد المحض، ومن البين الذي لا ريب فيه ان مجرد الاستبعاد لا يوجب ان تكون المعاطاة مفيدة للملكية لكي يصح الالتزام بتعلق الامور المزبورة بما في يد كل من المتعاطيين.
قيل: انه لا مناص عن الالتزام بتعلق تلك الامور بالمأخوذ بالمعاطاة، لان بناء المتشرعةوسيرتهم القطعية على أن شأن ذلك شأن سائر الاملاك.
والجواب عنه: ان هذا وان كان صحيحا الا أن الالتزام به من ناحية السيرة لا من ناحية الاستبعاد الذي هو مورد بحثنا، واذن فتكون السيرة دليلا على الملك بلا حاجة الى الاستبعاد المزبور، وعلى هذا التفسير فمرجع الضمير المجرور في كلمة دفعه هو لفظ العدم المحذوف المضاف الى كلمة التعلق، والقرينة على الحذف هي سياق الكلام.
ويمكن ان يكون غرض المصنف من تلك العبارة انه لا شبهة في تعلق الامور المذكورة في كلام بعض الاساطين بالمأخوذ بالمعاطاة وان كان ذلك من المباحات، بداهة انه لا مانع من ان يكون قسم خاص من المباح – الذي يجوز فيه مطلق التصرف حتى المتوقف منه على الملك – في حكم الملك، ولا محذور فيه الا الاستبعاد المحض، وهو بنفسه لا يصلح للمانعية عن تعلق الامور المزبورة بالمأخوذ بالمعاطاة.
وأما دعوى ان تعلق تلك الامور بذلك مخالف للسيرة لقيامها على عدم تعلقها بغير الاملاك، فبملاحظة السيرة يستكشف ملكية المأخوذ بالمعاطاة، فهي ان صحت كان القول بالملكية حينئذ مستندة الى السيرة، لا الى الاستبعاد ولا الى لزوم مخالفة القواعد الشرعية.
ولكن الظاهر ان غرض المصنف هو الاحتمال الاول، بديهة ان مقصود بعض الاساطين انما هو استبعاد عدم تعلق الامور المذكورة بالمأخوذ بالمعاطاة، وقد تصدي المصنف لدفع هذا الاستبعاد، وليس غرض بعض الاساطين استبعاد تعلق الامور المذكورة بالمأخوذ بالمعاطاة لكي يكون كلام المصنف مسوقا لرفع هذا الاستبعاد واثباتا لتعلق تلك الامور بذلك، هذا، والله العالم بالضمائر.