مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص132
ويتوجه عليه ما افاده المصنف، وحاصله انه لا مانع من الالتزام بحصول الملكية بارادة التصرف، فان الجمع بين الادلة يقتضي ذلك، ضرورة أن الاصل يقتضي بقاء المأخوذ بالمعاطاة في ملك مالكه الاول، وقد قامت السيرة القطعية على جواز التصرف لكل من المتعاطيين فيما انتقل إليه، وقد ثبت في الشريعة المقدسة ان بعض التصرفات كالعتق والبيع والوطي لا يسوغ لغير المالك.
ومن البين الذي لا ريب فيه ان الجمع بين هذه الادلة يقتضي الالتزام بالملكية حين ارادة التصرف، وعليه فيكون شأن التصرف في المقام شأن تصرف ذي الخيار والواهب فيما انتقل عنهما تصرفا بالعتق والبيع والوطي وأشباهها (1).
1 – أقول: ان التصرفات الصادرة من المتعاطيين على قسمين: القسم الاول: ما لا يتوقف جوازه على الملك – كالاكل والشرب واللبس ونحوها – فان جواز هذه التصرفات لا ينوط بملك الرقبة بل تجوز لغير المالك ايضا إذا دل عليه دليل، وقد فرضنا ان السيرة قد دلت عليه في المقام، غاية الامر ان يكون الاتلاف في محل الكلام موجبا للضمان بالمسمي دون المثل أو القيمة، وعلى هذا فلا نحتاج الى الالتزام بمملكية التصرف أو بارادته لكي نتمسك في اثبات ذلك بالجمع بين الادلة.
قيل: انه لا يتحقق الضمان بالمسمي الا مع ملك الضامن لما هو بدل عن المسمي، وعليه فلا مناص عن الالتزام بمملكية التصرف أو ارادته.
والجواب عن ذلك انا لو سلمنا توقف الضمان بالمسمي على ملك الضامن للعوض، ولكن لانسلم توقف ذلك على مملكية التصرف أو ارادته، بل يمكن الالتزام بحصول الملكية آناما قبل التصرف من ناحية الجمع بين الادلة، كما التزم به المصنف سابقا عند الاستدلال على صحة المعاطاة بآيتي حل البيع والتجارة عن تراض.
القسم الثاني من التصرفات ما يتوقف جوازه على الملك – كالعتق والوطي والبيع – وقد اتضح لك حكمه مما ذكرناه في القسم الاول، بديهة ان الجمع بين الادلة يقتضي الالتزام بحصول الملك آناما قبل التصرف بلا احتياج في ذلك الى مملكية التصرف أو ارادته، وهذا واضح لا ريب فيه.