مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص123
4 – الاستدلال بآية التجارة
قوله تعالى: يا ايها الذين آمنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم (1)، فان الاية الشريفة قد دلت على انحصار جواز التصرف في أموال الناس بما يكون تجارة عن تراض عرفا، والبيع المعاطاتي كذلك، وبيان ذلك بوجهين: الوجه الاول: ان المراد من الاكل في الاية الكريمة ليس هو الازدراد على ما هو معناه الحقيقي، بل انما هو كناية عن التملك، وان لم يكن ذلك المال من جنس المأكولات كالدار والبستان والدكان وأشباه ذلك، وقد تعارف هذا النحو من الاستعمال في القرآن الكريم وفي كلمات الفصحاء، بل في غير لغة العربية ايضا.
ثم ان دخول كلمة الباء السببية على كلمة الباطل ومقابلتها في الاية مع التجارة عن تراض قرينتان على توجه الاية الى فصل الاسباب الصحيحة للمعاملة عن الاسباب الفاسدة.
وعليه فان كان الاستثناء متصلا – كما هو الظاهر والموافق للقواعد العربية – كان مفاد الاية انه لا يجوز تملك أموال الناس بسبب من الاسباب فانه باطل، الا أن يكون ذلك السبب تجارة عن تراض، واذن فتفيد الاية حصر الاسباب الصحيحة للمعاملة بالتجارة عن تراض، وان كان الاستثناء منقطعا كانت الاية ظاهرة ابتداء في بيان الكبري الكلية لكل واحد من أكل المال بالباطل والتجارة عن تراض من غير ان تتعرض للحصر.
1 – النساء: 28.