مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص82
الغرر (1)، وعليه فلو اخذ المقرض قبضة من الدراهم المصبوبة بين يديه وأقرضها لشخص من غير علم بمقدارها صح القرض، نعم لابد للمقترض أن يعرف مقدار ذلك لكي يتمكن من الاداء، الا أنه أجنبي عن حقيقة القرض.
ومن هنا لا بأس باقتراض الطعام بصخرة مجهولة لامكان الاداء بتلك الصخرة وان لم يعلم مقدارها الى الابد، نعم، ظاهر جمع من الفقهاء في باب القرض وجوب العلم بمقدار القرض وانه لا يجوز الاقتراض بالكيل والوزن المجهولين.
ولكن ناقش في ذلك بعض الاعاظم ونقل فيه القول بالجواز عن ظاهر جماعة آخرين، بدعوى ان دليل نفي الغرر مختص بالبيع، غاية الامر أنه يجوز التعدي منه الى مطلق المعاملات المعاوضية للقطع بعدم الخصوصية للبيع، إذ المناط في النهي عن بيع الغرر انما هو رفع النزاع وقطع المرافعة، ومن البديهي أن هذا المناط موجود في مطلق المعاملات المعاوضية، وأما القرض فلا دليل على اعتبار نفي الغرر فيه ولا أنه من قبيل المعاملات المعاوضية، لكي يعتبر فيه نفي الغرر من هذهالناحية، واذن فلا وجه لاعتبار العلم بمقدار القرض.
وهذه المناقشة في غاية المتانة، ولكن يحسن بنا ان نقول: ان القرض خارج عن موضوع الغرر حتى مع وجود الدليل على نفي الغرر بقول مطلق، لانا ذكرنا سابقا ان الثابت في ذمة المقترض انما هو مالية العين المأخوذة قرضا، سواء أكانت تلك العين معلومة المقدار والاوصاف أم كانت مجهولة كذلك، نعم يعتبر العلم بمقدار القرض مقدمة للاداء، ومن الواضح ان ذلك يمكن بعد الاقتراض ايضا.
1 – سنن البيهقي 5: 338.