مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص47
ومن البين الذي لا ريب فيه أنه لا يعقل ثبوت الحكم لغير موضوعه، بديهة ان نسبة الحكم الى موضوعه كنسبة المعلول الى علته، فكما يستحيل انفكاك المعلول عن علته كذلك يستحيل انفكاك الحكم عن موضوعه.
وبتعبير آخر انا إذا لاحظنا آثار حق الشفعة وجدنا خصوصية في مورده، وتلك الخصوصية هي العلة التامة لثبوته للشريك فقط دون غيره.
نعم، تجوز المعاوضة على حق الشفعة من حيث الاسقاط، بأن يجعل اسقاطه ثمنا في البيع، أو اجرة في الاجارة، أو عوضا في الصلح والهبة، أو صداقا في النكاح، ولكن هذا اجنبي عما نحن فيه، فان مورد بحثنا انما هو جواز المعاوضة على حق الشفعة وجعله عوضا في العقودالمعاوضية لا المعاوضة على اسقاطه، فان الاسقاط بنفسه عمل، وقد عرفت سابقا ان عمل الحر يجعل عوضا في البيع وغيره من العقود المعاوضية.
وأما حق الخيار فجواز المعاوضة عليه من حيث الاسقاط خارج عن موضوع بحثنا – وقد عرفته قريبا – وأما نقله الى غيره بالعقود المعاوضية، وجعله عوضا فيها فقد منعه المصنف من ناحية استلزامه اتحاد المسلط والمسلط عليه.
والجواب عن ذلك: أولا: ان هذا انما يتم فيما إذا نقل حق الخيار الى من عليه الخيار، وأما إذا نقل الى غيره فلا يلزم منه المحذور المذكور، واذن فالدليل اخص من المدعى.
ثانيا: ان هذا انما يلزم فيما إذا كان متعلق السلطنة في الخيار هو البائع دون العقد، ولكن سيأتي في مبحث الخيارات ان الخيار انما يتعلق بالعقد لا بالمتبايعين، والا لسقط خيار كل منهما بموت صاحبه.