مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص13
وعلى هذا الضوء، فإذا اراد احد تبديل كتابه بكتاب شخص آخر أو تبديل ثوبه بثوب غيره لمجرد دفع الاحتياج، فانه لا يتوهم احد ان أيا منهما باع كتابه بكتاب غيره أو باع ثوبه بثوب غيره، كما أنه لا يتوهم احد ايضا ان باذل النقد هو البائع وباذل العرض هو المشتري، ومن هنا ذكرالفيومي في المصباح أنه: إذا اطلق البائع فالمتبادر الى الذهن باذل السلعة (1).
وأما ما ذكره في المصباح، من أن الاصل في البيع مبادلة مال بمال، فهو وان كان شاملا لجميع أقسام المبادلة ولكنه ليس تعريفا حقيقيا، لقضاء الضرورة بأن البيع ليس هو مطلق المبادلة بين شيئين، بل هو تعريف لفظي، وتبديل لفظ بلفظ آخر أوضح منه، كقول أهل اللغة: السعدان نبت (2)، وكذلك الحال فيما ذكره بعض العامة من أن البيع في اللغة مقابلة شئ بشئ.
ثم انه يمكن ان يراد من لفظة الاصل في تعريف المصباح ما كان هو المتعارف في الايام السالفة، من كون البيع عبارة عن مطلق المبادلة بين الاموال، بديهة أنه لو كان غرض الفيومي من هذه الكلمة هو اللغة لوجب عليه ان يصدر كلامه بلفظة الاصل عند شرح كل مادة ترد عليه.
وقد وقع التصريح بما ذكرناه في لسان العرب ومجمع البحرين في مادة المال، وذكرا ان المال في الاصل الملك من الذهب والفضة، ثم اطلق على كل ما يقتنى ويتملك من الاعيان (3).
1 – المصباح: 69.
2 – مضافا انا لا نشك في ان البيع لا يطلق على فعل الاثنين، أعني البيع والشراء، وانما يطلق على فعل طرف واحد منهما، الا أنه تعريف لفظي – المحاضرات 2: 13.
3 – لسان العرب 11: 636، مجمع البحرين 5: 475.