مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص756
المسلم على الصحة، والمفروض ان الجائر من المسلمين فيعامل معاملة بقية المسلمين.
ولكن يرد عليه انه لم يقم دليل لفظي على اعتبار اصالة الصحة، لكي يتمسك باطلاقه في كل مورد يشك فيه، ودليلها انما هو السيرة، وهي من الادلة اللبية، فيؤخذ بالمقدار المتيقن منها، وهو نفس العقود والايقاعات مع احراز اهلية المتصرف للتصرف.
وعليه فإذا شك في ان العقد الفلاني تحقق صحيحا أو فاسدا لخلل في ايجابه أو قبوله فانه يحمل على الصحة، واما إذا شك فيه من جهة اخرى فلا دليل على حمل فعل المسلم على الصحة.
ومن هنا لو اشار احد الى دار معينة وقال: بعتك هذه الدار بكذا، فانه لا يمكن الحكم بصحة هذه المعاملة اعتمادا على اصالة الصحة إذا انتفت قاعدة اليد، أو إذا قطعنا النظر عنها.
ومن هنا ايضا لو شك في ان البائع اصيل أو فضولي، فانه لا وجه لحمله على الاول بمقتضى اصالة الصحة.
وقد يقال: ان المراد بالاصل هو اصالة الاباحة الثابتة بالادلة العقلية والنقلية.
وفيه: ان اصالة الاباحة انما تجري في الاموال إذا لم تكن مسبوقة بيد اخرى، كالمباحات الاصلية التي ملكها الجائر بالحيازة، واما إذا كانت مسبوقة بيد اخرى فان اصالة الاباحة محكومة باصل آخر، وهو عدم انتقال الاموال المذكورة الى الجائر من مالكها السابق، فيحرم تناول تلك الاموال من الجائر، إذ ليس هنا اصل موضوعي يثبت مالكيته لما في يده الا قاعدة اليد، والمفروض انها لا تجري في المقام.