مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص743
البيع ومورد الاجارة، بقرينة قوله (عليه السلام): وما عملته يدك بكذا، ضرورة عدم صلاحية العمل موردا للبيع، فلا بد من تنزيله على الاجارة (1).
ويرد على الوجهين ان كلا من النفي والاثبات في الروايات الواردة في بيع المصاحف انما ورد على مورد واحد، وعليه فلا ترتفع المعارضة بين الطائفتين بشئ من الوجهين، لانهما من الجمع التبرعي المحض ولا شاهد لهما من العقل والنقل.
ويرد على خصوص ما في الجواهر انه لا وجه لجعل العقد الواحد متضمنا لموردي الاجارة والبيع معا، تمسكا برواية عبد الرحمان بن سليمان المذكورة في الحاشية، فانه مضافا الى كونها ضعيفة السند، انه لادلالة فيها على مقصود صاحب الجواهر، إذ الظاهر من عمل اليد في قوله (عليه السلام): فقل: انما اشترى منك الورق وما فيه من الادم، وحليته وما فيه من عمل يدك بكذا وكذا، هو الاثر الحاصل من العمل لا نفس الفعل،فانه لا وجه لكون العمل بعد وقوعه متعلقا للاجارة.
والتحقيق ان تحمل الطائفة المانعة من الروايات على الكراهة، بدعوى ان الغاية القصوى من النهي عن بيع المصحف انما هو التأدب والاحترام لكلام الله عزوجل، فانه اجل من أن يجعل موردا للبيع كسائر الكتب والامتعة، وارفع من أن يقابل بثمن بخس دراهم معدودة، إذ الدنيا وما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فكيف يمكن أن يقع جزء من ذلك ثمنا للقرآن الذي اشتمل على جميع ما في العالم، ويدور عليه مدار الاسلام.
ومن هنا تعارف من قديم الايام ان المسلمين يعاملون على المصاحف
1 – الجواهر 22: 128، كذا في المصابيح: 62.