مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص724
وقد ظهر من جميع ما ذكرناه سقوط جميع الاقوال المتقدمة غير ما بنينا عليه من القول بالجواز على وجه الاطلاق، والله العالم.
قوله: ثم ان صلح ذلك الفعل المقابل بالاجرة لامتثال الايجاب المذكور أو اسقاطه به أو عنده سقط الوجوب مع استحقاق الاجرة، وان لم يصلح استحق الاجرة، وبقي الواجب في ذمته لو بقي وقته، والا عوقب على تركه.
أقول: لا يخفى ما في هذه العبارة من القلق والاضطراب، وحاصل مرامه ان الاتيان بالواجب المستأجر عليه قد يترتب عليه امتثال امر المولى واستحقاق الاجرة كلاهما، كما إذا استأجر احدا لتطهير المسجد فطهره بقصد امتثال امر المولى، فانه حينئذ يستحق الاجرة ويعد ممتثلا، وكذلك الحال في الواجبات التعبدية على مسلكنا، إذ قد عرفت ان أخذ الاجرة عليها لا ينافي جهة عبادتها.
وقد يكون الاتيان بالواجب المستأجر عليه موجبا لاستحقاق الاجرة وسقوط الوجوب بغير امتثال، كتطهير المسجد وانقاذ الغريق والجهاد وغيرها من الواجبات التوصلية، فان الاجير حين ما يأتي بها بغير داعيالامر يستحق الاجرة، ولا يكون عمله هذا امتثالا للواجب على الفرض، نعم يسقط عنه الواجب لفرض كونه توصليا، كما انه يسقط عن بقية المكلفين إذا كان الواجب كفائيا.
وقد يكون الاتيان بذلك العمل موجبا لاستحقاق الاجرة وسقوط الوجوب، لا من جهة الاتيان بالواجب بل لارتفاع موضوع الوجوب، كما إذا اوجب الشارع عملا بعنوان المجانية فاتى به العبد مع الاجرة، وهذا كدفن الميت بناء على أنه واجب على المكلفين مجانا، فلو أتى به لا مجانا لم يتحقق الواجب، فلا يكون مصداقا لواجب في الخارج، لان المفروض انه مقيد بالمجانية وقد أتى به مع الاجرة، الا ان الوجوب