مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص694
فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية (1)، فان الظاهر من ذلك انه إذا توقف حفظ النفس على ارتكاب أي محرم فانه يصبح مباحا، مقدمة لصيانة النفس المحترمة عن التلف، الا ان التقية إذا اقتضت اراقة دم محترم لحفظ دم آخر فانها لا تشرع حينئذ، لما عرفت آنفا ان كلا من الشخصين مشمول للحديث، فترجيح احدهما على الاخر ترجيح بلا مرجح (2).
بل قد عرفت سابقا ان الغرض الاقصى من جعل التقية في الشريعة المقدسة انما هو حفظ اموال المؤمنين واعراضهم ونفوسهم، وما اشبه ذلك من شؤونهم، فإذا توقف حفظ شئ منها على اتلاف عديله من شخص آخر ارتفعت التقية حينئذ لارتفاع الغاية منها.
ومثاله ما إذا اقتضت التقية اتلاف مال شخص لحفظ مال شخص آخر، فانه لا يجوز اتلافه تقية.
والوجه فيه: ان شمول اخبار التقية لهما على حد سواء، واذن فترجيح احدهما على الاخر ترجيح بلا مرجح كما عرفت، فيرجع في ذلك الى الادلة الدالة على حرمة التصرف في مال الغير بدون اذنه، وهكذا الحال في جميع موارد التقية.
غاية الامر ان ما دل على أن التقية انما شرعت ليحقن به الدم ناظر الى بيان المرتبة العليا من التقية، وليس فيه ظهور في اختصاص الحكم بهذه المرتبة فقط.
ومن هنا ظهر ما في كلام المحقق الايرواني حيث قال: ويقرب عنديان المراد من هذه الاحاديث امر وجداني يدركه العقل، وهو ان التقية لما
1 – قد تقدمت هذه الرواية في البحث عن الاضرار بالناس مع الاكراه عليه.
2 – كما صرح به في الرياض 1: 510، الجواهر 22: 169.