مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص684
ولكن ما افاده المصنف غير تام صغرى وكبرى، أما عدم صحة الصغرى فلان الضرر في كلام الموردين انما توجه الى الشخص نفسه ابتداءا، فان الاكراه لا يسلب الاختيار عن المكره ليكون بمنزلة الالة المحضة، بل الفعل يصدر منه بارادته واختياره، ويكون فعله كالجزء الاخير من العلة التامة لنهب مال الغير مثلا حتى انه لو لم يأخذه ولم يجلبة الى الظالم لكان المال مصونا وان توجه الضرر حينئذ الى نفسه فمباشرته للاضرار بالغير لدفع الضرر المتوعد به عن نفسه مباشرة اختيارية، فتترتب عليها الاحكام الوضعية والتكليفية.
وبعبارة اخرى ان مرجع الاكراه الى تخيير المكره بين نهب مال الغير وبين تحمل الضرر في نفسه على فرض المخالفة، وحيث كان الاول حراما وضعا وتكليفا فتعين عليه الثاني، نعم لو كان الضرر متوجها الىالغير ابتداءا ولم يكن له مساس بالواسطة اصلا فلا يجب عليه دفعه عن الغير باضرار نفسه.
ومن هنا ظهر الجواب عما ذكره المصنف اخيرا، من أن الفارق بين المقامين هو ادلة الحرج، وأما عدم صحة الكبرى فلانه لا وجه للمنع عن وجوب دفع الضرر عن الغير بايقاعه بنفسه، بل قد يجب ذلك فيما إذا اوعده الظالم بامر مباح في نفسه، وكان ما اكرهه عليه من اضرار الغير حراما، فانه حينئذ يجب دفع الضرر عن غيره بالاضرار بنفسه كما عرفته آنفا لانه بعد سقوط ادلة نفي الضرر والاكراه والحرج فادلة حرمة التصرف في مال الغير بدون اذنه محكمة.
5 – ما افاده المصنف ايضا، من أن ادلة نفي الحرج كافية في الفرق بين المقامين، فان الضرر إذا توجه الى المكلف ابتداءا ولم يرخص الشارع في دفعه عن نفسه بتوجيهه الى غيره، فان هذا الحكم لا يكون حرجيا،