مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص681
الناحية الاولى: أن يتوجه الضرر ابتداءا الى احد من غير أن يكون لفعل الاخر مدخل فيه، كتوجه السيل الى داره أو بستانه، وكتوجه الظلمة أو السراق الى نهب امواله أو هتك اعراضه، ولا شبهة في ان هذا القسم من الضرر لا يجوز دفعه بالاضرار بغيره، تمسكا بادلة نفي الاكراه والضرر والحرج، بداهة انها مسوقة للامتنان على جنس الامة، وبديهي ان دفع الضرر المتوجه الى احد بالاضرار بغيره خلاف الامتنان على الامة، فلا يكون مشمولا للادلة المذكورة.
على أنه لو جاز لاحد أن يدفع الضرر عن نفسه ولو بالاضرار بالغير لجاز للاخر ذلك ايضا، لشمول الادلة لهما معا، فيقع التعارض في مضمونها، وحينئذ فالتمسك بها لدفع الضرر عن احد الطرفين بالاضرار بالاخر ترجيح بلا مرجح، وعليه فلا بد من رفع اليد عن اطلاقها في مورد الاجتماع ويرجع فيه الى ادلة حرمة التصرف في اموال الناس.
نعم إذا كان الضرر المتوجه الى الشخص مما يجب دفعه على كل احد كقتل النفس المحترمة وما يشبهه، وامكن دفعه بالاضرار بالغير كان المقام حينئذ من صغريات باب التزاحم فيرجع الى قواعده.
الناحية الثانية: أن يتوجه الضرر ابتداءا الى الغير على عكس الصورة السابقة، وقد ظهر حكم ذلك من الناحية الاولى كما هو واضح.
الناحية الثالثة: أن يتوجه الضرر الى الغير ابتداءا والى المكره على تقدير مخالفته لما امر به الجائر، وكان الضرر الذي توعده المكره – بالكسر – امرا مباحا في نفسه، كما إذا اكرهه الظالم على نهب مال غيره وجلبه إليه، والا فيحمل اموال نفسه إليه.
وفي هذه الصورة لا بد للمكره من تحمل الضرر بترك النهب، ومن الواضح ان دفع المكره امواله للجائر مباح في نفسه حتى في غير حال