مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص634
يراها العامة احداثا ناقضة للوضوء (1)، فانه يدور الامر حينئذ بين حمله على الوجوب بداعي التقية، وبين حمله على الاستحباب بداعي بيانالواقع، ومن المعلوم ان الحمل على الثاني اولى، إذ لم يثبت من مذهب الشيعة عدم استحباب الوضوء عقيب الامور المذكورة، ولكن ثبت عندهم انها لا تنقض الوضوء جزما، وعليه فتتأدى التقية بارادة المجاز واخفاء القرينة.
أقول: لله در المصنف حيث أشار بكلامه هذا الى قاعدة كلية وضابطة شريفة تتفرع عنها فروع كثيرة، ومن شأنها أن يبحث عنها في علم الاصول في فصل من فصول ابحاث الاوامر.
وتحقيق الكلام فيها: ان ما يدور امره بين الحمل على التقية وبين الحمل على الاستحباب على ثلاثة اقسام: 1 – أن يكون ظهوره في بيان الحكم الوضعي المحض، كما إذا ورد عنهم (عليهم السلام): ان الرعاف أو الحجامة مثلا من النواقض للوضوء (2)، فانه لاريب في حمل هذا القسم على التقية، بان يكون المراد انها ناقضة حقيقة للوضوء، ولكن صدور هذا الحكم بداعي التقية لا بداعي الارادة الجدية.
2 – أن يدل بظهوره على الحكم التكليفي المولوي المحض، كما إذا
1 – عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا قبل الرجل المرأة من شهوة أو مس فرجها أعاد الوضوء (التهذيب 1: 22، الاستبصار 1: 88، عنهما الوائل 1: 272).
عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، سئل عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره، قال: نقض وضوؤه، وان مس باطن احليله فعليه أن يعيد الوضوء (التهذيب 1: 348، الاستبصار 1: 88، عنهما الوسائل 1: 272).
2 – عن الوشاء قال: سمعته يقول: رأيت أبي وقد رغف بعد ما توضأ دما سائلا، فتوضأ (التهذيب 1: 13، الاستبصار 1: 85).