مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص626
المزبورة وحكمنا لذلك بحرمة الحلف كاذبا في غير موارد الاكراه والاضطرار لكانت العناوين المأخوذة في تلك المطلقات، اعني حفظ النفس والمال لنفسه أو لاخيه كلها لاغية، واما لو قدمنا المطلقات وحفظنا العناوين المذكورة فيها فانه لا يلزم منه الا الغاء المفهوم فقط عن رواية سماعة وما في معناها، ونتيجة ذلك انه يجوز الحلف كاذبا لانجاء النفس المحترمة ولحفظ مال نفسه أو مال اخيه على وجه الاطلاق، فيقيد بها ما دل على حرمة الكذب على وجه الاطلاق.
لا يقال: ان حرمة الكذب ذاتية لاستقلال العقل بقبحه فليست قابلة للتخصيص، واما ارتكابه في موارد الضرورة فلان العقل يستقل بوجوب ارتكاب اقل القبيحين.
فانه يقال: قد عرفت آنفا ان العقل لا يستقل بقبح الكذب في نفسه الا إذا ترتبت عليه المفسدة، فلا تكون حرمته ذاتية لا تقبل التخصيص، فيكشف من تجويز الشارع الكذب في بعض الموارد انه ليس بقبيح، لا انه من باب حكم العقل بارتكاب اقل القبيحين.
وقد وجه المصنف كلام المشهور بوجهين: 1 – ان الكذب حرام ومع التمكن من التورية لا يحصل الاضطرار إليه فيدخل تحت العمومات.
2 – ان قبح الكذب عقلي فلا يسوغ الا مع عروض عنوان حسن عليه يغلب على قبحه، وهذا لا يتحقق الا مع العجز عن التورية.
ولكن قد ظهر لك مما قدمناه آنفا ضعف الوجهين المذكورين.
واما المطلقات الدالة على جواز الكذب للاصلاح فلا معارضة بينها وبين رواية سماعة وما في معناها، ووجه ذلك ان تلك المطلقات انما دلت على جواز الكذب للاصلاح، ورواية سماعة وما في مضمونها انما