مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص616
ينطقون، فقد دخلت عليها اداة الشرط وجعلتهما قضية واحدة شرطية، ومن البديهي انها ايضا كاذبة.
فان الصدق والكذب في القضايا الشرطية يدوران مدار صحة الملازمة وفسادها، ولا شبهة انها منتفية في المقام، بداهة انه لا ملازمة بين نطق كبير الاصنام وبين صدور الفعل منه، بل الفعل قد صدر من ابراهيم على كل تقدير، سواء نطق كبيرهم ام لم ينطق.
أقول: اما رمي قول ابراهيم: بل فعله كبيرهم هذا بالكذب، فجوابه:انا قد حققنا في مبحث الواجب المشروط من علم الاصول ان الشروط في الواجبات المشروطة اما ان ترجع الى الانشاء، اعني به ابراز الاعتبار النفساني، واما ان ترجع الى متعلق الوجوب، اي المادة المحضة، كما في الواجب المعلق، على ما نسب الى المصنف في التقريرات، واما ان ترجع الى المنشأ، وهو ما اعتبره في النفس ثم ابرزه بالانشاء، فيكون مرجع القيد في قولنا: ان جاءك زيد فأكرمه هو وجوب الاكرام، فيصير مقيدا بمجئ زيد.
أما الاول فهو محال، لان الانشاء من الامور التكوينية التي يدور امرها بين الوجود والعدم، فإذا اوجده المتكلم استحال أن يتوقف وجوده على شئ آخر، لاستحالة انقلاب الشئ عما هو عليه.
وأما الثاني فهو وان كان ممكنا في مرحلة الثبوت ولكنه خلاف ظاهر الادلة في مقام الاثبات، ولا يمكن المصير إليه بدون دليل وقرينة، واذن فيتعين الاحتمال الثالث.
وهذا الكلام بعينه جار في القضايا المشروطة من الجمل الخبرية ايضا، فان ارجاع القيد فيها الى نفس الاخبار، اي الالفاظ المظهرة للدعاوي النفسانية غير معقول، لتحققه بمجرد التكلم بالقضية الشرطية،