پایگاه تخصصی فقه هنر

مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص394

الا أن يكون مراد الفلاسفة ان الفياض على الاطلاق في جميع الحالات هو الباري تعالى، ولكن افاضة الوجود بواسطة النفوس الفلكية، وهي طرق لوصول الفيض وليست مؤثرة في عالم العناصر ليلزم منه انكار الصانع، ويظهر هذا من كلام جماعة منهم.

على أن الظاهر من الايات والروايات ان حركة الافلاك انما هي حركة قسرية وبمباشرة الملائكة، فالاعتقاد على خلافه مخالف للشرع وتكذيب للنبي الصادق (صلى الله عليه وآله) في اخباره، فيكون كفرا، وارادة النفوس الفلكية من الملائكة من تأويلات الملاحدة، كما صرح به المجلسي (رحمه الله) في اعتقاداته (1).

ثم ان الاعتقاد بالامور المذكورة انما يوجب الكفر إذا علم المعتقد بالملازمة بينها وبين انكار الصانع أو تكذيب النبي (صلى الله عليه وآله)، والا فلا محذور فيه كما عرفت في المقدمة الثانية.

2 – أن يلتزم بتأثير الاوضاع الفلكية والكيفيات الكوكبية بنفسها في حوادث العوالم السفلية، كتوسعة الرزق وانوثة الولد ورجولته، وصحةالمزاج وسقمه، وازدياد الاموال ونقصانها، وغيرها من الخيرات والشرور، سواء قلنا بالنفوس الفلكية ام لم نقل، وهو على وجهين: الاول: أن يكون ذلك علة تامة لحدوث الحوادث، والثاني أن يكون شريكا للعلة في الامور المذكورة.

وكلا الوجهين باطل، لانه انكار للصانع أو لتوحيده جل وعلا، والظاهر انه لا خلاف في ذلك بين الشيعة والسنة (2)، بل قامت الضرورة بين

1 – راجع البحار 58: 308، 59: 299.

2 – عن ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ان المعلوم ضرورة من الدين ابطال حكم النجوم وتحريم الاعتقاد بها والزجر عن تصديق المنجمين (شرح النهج 6: 212).

وفي سنن البيهقي في حديث زيد الجهني: قال الشافعي: وأما من قال مطرنا بنوء كذا، على ما كان بعض اهل الشرك يعنون من اضافة المطر الى ان امطره نوء كذا، فذلك كفر، وفي الموضع المزبور عن الجهني عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال الله: أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب (سنن البيهقي 3: 358).

ورواه العلامة (رحمه الله) مرسلا في التذكرة في صلاة الاستسقاء (التذكرة 1: 169).

ورواه صاحب الوسائل ايضا مرسلا (الذكرى للشهيد الاول: 251، عنه الوسائل 11: 374).

في لسان العرب مادة نوأ: قال أبو عبيد: الانواء ثمانية وعشرون نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة، وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا: لا بد من أن يكون عند ذلك مطر أو رياح، فينسبون كل غيث عند ذلك الى ذلك النجم، فيقولون: مطرنا بنوء الثريا – الخ، وانما سمي نوءا لانه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق، اي نهض وطلع (لسان العرب 1: 1