مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص216
ويحتمل أن يراد من الرجز العذاب، كما في قوله تعالى: وانزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء (1)، وقد صرح بذلك بعض أهل اللغة كصاحب القاموس وغيره.
وعلى هذا فالمراد من هجر العذاب هجر موجباته كما اريد من المسارعة الى المغفرة (2) ومن الاستباق الى الخيرات (3) المسارعة والاستباق الى اسبابهما في آيتهما.
ومنها: قوله تعالى: ويحرم عليهم الخبائث (4)، بناء على صدق الخبائث على المتنجسات، وحيث ان التحريم في الاية لم يقيد بجهة خاصة فهي تدل على عموم تحريم الانتفاع بالمتنجسات.
وأجاب عنها المصنف بأن المراد من التحريم خصوص حرمة الاكل بقرينة مقابلته بحلية الطيبات، وفيه: ان مقتضى الاطلاق هو حرمة الانتفاع بالخبائث مطلقا فتدل على حرمة الانتفاع بالمتنجس كذلك.
والحق أن يقال: ان متعلق التحريم في الاية انما هو العمل الخبيث والفعل القبيح، فالمتنجس خارج عن مدلولها لانه من الاعيان.
لا يقال: إذا اريد من الخبيث العمل القبيح وجب الالتزام بالتقدير، وهو خلاف الظاهر من الاية.
فانه يقال: انما يلزم ذلك إذا لم يكن الخبيث بنفسه بمعنى العمل القبيح، وقد أثبتنا في مبحث بيع الابوال صحة اطلاقه عليه بدون عناية، وخصوصا بقرينة قوله تعالى: ونجيناه من القرية التي كانت تعمل
1 – البقرة: 56.
2 – قوله تعالى: وسارعوا الى مغفرة من ربكم – المائدة: 93.
3 – قوله تعالى: فاستبقوا الخيرات – البقرة: 143.
4 – الاعراف: 156.