مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص188
قوله: بل يمكن القول بالبطلان بمجرد القصد وان لم يشترط في متن العقد.
أقول: يرد عليه ما ذكرناه سابقا، من أن بذل المال انما هو بازاء نفس العين، والمنافع المترتبة عليها من قبيل الجهات التعليلية، ثم لنسلم انا قد التزمنا ببطلان العقد باشتراط المنفعة المحرمة فلا مجال للالتزام بالبطلان بمجرد القصد بعد ما لم يكن مذكورا في العقد، إذ لا عبرة بالقصد الساذج إذا لم يكن شرطا في ضمن العقد.
وقد انجلى مما حققناه بطلان سائر الوجوه والاقوال بأجمعها، هذا كله بحسب ما تقتضيه القواعد.
وأما بحسب الروايات، فقد يقال بلزوم قصد الاستصباح في بيع ذلك الدهن، لقول الصادق (عليه السلام) في رواية ابن وهب: بعه وبينه لمن اشتراه ليستصبح به، ولقوله (عليه السلام) في رواية اسماعيل بن عبد الخالق: أما الزيت فلا تبعه الا لمن تبين له فيبتاع للسراج، فانهما ظاهرتان في تقييد جواز البيع بقصد الاستصباح، بل بالغ بعضهم وقال: ان الرواية الثانية صريحة في ذلك، بدعوى حصر جواز البيع فيها بصورة الشراء للاسراج فقط.
وفيه اولا: ان الرواية الثانية ضعيفة السند كما تقدم.
وثانيا: ان الظهور البدوي في الروايتين وان كان ذلك، ولكن الذي يظهر بعد التأمل في مدلولهما هو ان الاستصباح والاسراج من فوائد التبيين ومتفرعاته، وقد اخذ غاية لذلك لكي لا يقع المشتري في محذور النجاسة باستعماله الدهن المتنجس فيما هو مشروط بالطهارة كالاكل ونحوه، اذن فلا دلالة في الروايتين على أن اعتبار قصد الاستصباح منشرائط البيع.
وثالثا: ان التوهم المذكور مبني على جعل الامر بالبيان في الروايتين