مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص111
ثم ان المهم هنا صرف عنان الكلام الى الروايات الخاصة الواردة في ذلك، وهي على طائفتين: الاولى تدل على حرمة الانتفاع بالميتة، والثانية على جواز الانتفاع بها.
أما الطائفة الاولى، فهي متظافرة: منها: مكاتبة قاسم الصيقل، فانه سأل الامام (عليه السلام) عن جواز جعل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة، فكتب (عليه السلام): فان كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس (1)، فان مفهومها يدل على حرمة الانتفاع بجلود غير الذكي.
وفيه مضافا الى ضعف سندها، ان مناط المنع فيها عن عمل أغمادالسيوف من جلود الحمر الميتة ليس الا من جهة اصابتها الثوب الذي يصلي فيه السائل، ومن هنا أمره الرضا (عليه السلام) بأن يتخذ ثوبا لصلاته، وأما اصل الانتفاع بها بعمل الاغماد منها فهو مسكوت عنه، فيبقى تحت اصالة الاباحة.
بل يمكن أن يقال: ان الرواية تدل على جواز الانتفاع بالميتة، وذلك لان السؤال فيها انما وقع عن أمرين: أحدهما عمل الاغماد من جلود الحمر الميتة، والثاني اصابتها الثوب، فجوابه (عليه السلام) عن الثاني دون الاول ليس الا تقريرا لجواز الانتفاع بالميتة، والا فكان سكوته عنه مع كونه في مقام البيان مخلا بالمقصود.
ومن هنا يعلم الوجه في قول أبي جعفر الثاني (عليه السلام): فان كان ما تعمل
1 – قال: كتبت الى الرضا (عليه السلام) اني أعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة فيصيب ثيابي، فاصلي فيها، فكتب 7 الى: اتخذ ثوبا لصلاتك، فكتبت الى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) – الخ، فكتب (عليه السلام): فان كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس (الكافي 3: 407، التهذيب 2: 358، عنهما الوسائل 3: 462)، ضعيفة لقاسم ومعلي البصري.