المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص285
في الارض اتقبلها من السلطان ثم أو اجرها من آخرين على ان ما اخرج الله منها من شئ كان لى من ذلك النصف أو الثلث أو اقل من ذلك أو اكثر قال لا بأس “.
ويدل عليهما جميعا صحيحة الحلبي (1) عن أبى عبد الله (ع) وفيها ” لا بأس ان يتقبل الارض واهلها من السلطان ” إذ الظاهران المراد باهلها جزية رؤوسهم.
اما دلالة الاولى والثالثة فظاهرة، واما الثانية فلدلالتها على نفوذ عمل السلطان في استيجار الاراضي الخراجية فتدل علي ان ما اخذه اجرة وقعت كذلك لصحة الاجارة،فتدل نفوذ عمله وصحة اجارة الاراضي التى امرها اصالة بيد الحاكم العدل.
وقد يورد على دلالتها بانها بعد ما كانت في مقام بيان حكم آخر بعد الفراغ عن ان السلطان آخذ لا محالة عن مستعملي الارض الضريبة فلا دلالة على جواز اصل التقبل بل جوازه مفروغ عنه ولعل جوازه لاجل ان السلطان يأخذ ما يأخذه البتة وبعد ذلك كل مستعمل الاراضي يرضون لا محالة ان يتقدم واحد ويضمن للسلطان ما هو آخذ منهم ثم يدفعون ما هو عليهم لهذا المتقبل فان ذلك امان لهم من جور الجائرين واعتداء المأمورين فهم يدفعون بطيب النفس لهذا ليدفع عنهم الظلامات ” انتهى “.
(وفيه) مضافا إلى ان صحيحة الحلبي في مقام بيان جواز التقبل من السلطان كما لا يخفى: ان ما ذكره من طيب نفس مستعملي الارض بما ذكره غريب، ضرورة ان الفرار من الافسد إلى الفاسد ومن الظلم الكثير إلى الظلم القليل بالنسبة لا يوجب طيب النفس بالفاسد وبالظلم، ومعلوم انهم لا يرضون باداء الخراج وجزية الرؤوس، وانما يطيب نفسهم بوقوع هذا الظلم بيد من لا يجوز فوق ذلك، وهذا غير طيب النفس على اصل الاداء، مع ان طيب نفسهم لا يفيد بعد كون الامر بيد ولى الامر العادل.
ومن هنا يظهر فساد ما لو يقال: ان من المحتمل ان يكون مستعملي الارضممن يعتقد بلزوم اداء الخراج إلى الوالى الجائر بتوهم انه على الحق فكان ادائهم بطيب نفسهم، لما عرفت من ان طيب نفسهم لا تأثير له، مضافا إلى ان هذا الطيب المبنى على امر فاسد لا يفيد، فهو نظير طيب النفس في المعاملة الفاسدة مع ان المقبوض
(1) الوسائل – كتاب المزارعة والمساقات – الباب 18.