المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص257
قد يحصل العلم بالحرمة قبل وقوعه في يده ; وقد يحصل بعده، وقبل التعرض لحال الصور لا بأس بالاشارة إلى مفاد الادلة الاجتهادية وحدود دلالتها.
فنقول منها موثقة سماعة (1) عن ابى عبد الله عليه السلام في حديث ” ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من كانت عنده امانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرء مسلم ولا ماله الا بطيبة نفس منه “، والظاهر من نفى الحلية في مقابل الحلية بطيب نفسه هي الواقعية لا الاعم منها ومن الظاهرية حتى يقال: باستفادة حكمين منها، احدهما نفى الحل الواقعي واثباته لدى طيب نفسه، وثانيهما نفى الحلية الظاهرية الذى بمنزلة جعل الاحتياط عند الشك في طيب نفسه فكأنه قال: لا يحل ماله مطلقا واقعا وظاهرا الا مع طيب نفسه فيحل معه واقعا، فيكون الاستثناء من قسم من المستثنى منه، فان هذا الاحتمال مخالف للظاهر وموجب للتفكيك بين الصدر والذيل وان لا يمتنع الجمع بينهما بجعل واحد.
وعلى ما استظهرناه ربما يقال: بجواز التصرف في اموال المسلم مع الشك في رضاه لو لم يحرز عدم رضاه بالاصل وهو مخالف فتوى العلماء، وسيرة العرف على ما حكى وادعى (وهو غير بعيد)، ويمكن الاستشهاد له بموثقة ابى بصير (2) في باب حرمة سب المؤمن عن ابى جعفر عليه السلام ” قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر واكل لحمه معصية وحرمة ماله كحرمة دمه ” بدعوى كونه بصدد بيان الكيفية في حرمة المال لا اصل الحرمة بدليل تغيير اسلوب البيان فيها، ومقتضى اطلاق التشبيه وجوب الاحتياط لدى الشك كما وجب في الدم، ولذا اشتهر بينهم وجوبه فيه كما ى جب في الدم.
وربما يقال: ان الظاهر عرفا في مثل المورد الذى جعل الطيب سببا لجواز التصرف هو عدم جوازه الا باحراز السبب وقيام الحجة (وفيه) ان الظاهر انه بصدد
(1) الوسائل – كتاب الصلوة – الباب 3 – من ابواب مكان المصلى – موثقة لزرعة وسماعة.
(2) الوسائل – كتاب الحج الباب 158 – من ابواب احكام العشر