المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص185
امير المؤمنين عليه السلام ان هذه الآية احكم آية في كتاب الله فعليه يكون ظاهرها مرادا بلا تأول.
والظاهر منها ان عمل الخير بنفسه مورد الرؤية ويؤكده قوله: يومئذ يصدرالناس اشتاتا ليروا اعمالهم (1) فيظهر منها ان الاعمال بنفسها متجسدة مرئية فيها والناس متلذ بها، فلو فرض ان الآتى بالصلوة لله تعالى والمجيب لدعوة اقم الصلوة انما يأتي بها ويطيعة تعالى طمعا للوصول إلى الصورة البهية اللازمة لعلمه فهل يمكن ان يقال: عمله باطل أو يقال للجنة خصوصية.
فلو قيل: ان امثال ذلك خارج بدليل قلنا: مرجع هذا إلى عدم اعتبار الخلوص فيها وان تلك الافعال ليست بعبادة وهو خلاف الضرورة، فان الاجماع بل الضرورة على اعتبار الخلوص في العبادات وقصد غير الله مضربها، فيكشف منهما ومما ذكرناه عقلا ونقلا انه لا يعتبر في العبادية الا الخلوص في نفس العمل أي كونه امتثالا له تعالى من غير تشريك في هذه الرتبة ولا ينظر إلى مبادى التحريك.
ويؤيد ما ذكرناه بل يدل عليه اطلاق ادلة الامر بالمعروف فان المعروف ان كان من العبادات والمكلف التارك كان غير منبعث عن امر الله تعالى فأمره والده أو من يحتشم منه أو من يحبه، ولا يرضى بمخالفته واقعا فاتى بالتكليف الالهى وامتثل امر الله اطاعة لوالده أو غيره لابد وان تقع صحيحة والالزم ان يكون الامر بالمعروف معدما لموضوعه بل موجبا لانقلابه بالمنكر فان اتيان العمل العبادي لغير الله من المنكرات.
وليس المراد بالامر بالمعروف الموعظة الحسنة بل المراد به وما هو الواجب الامر المولوي لغرض البعث به، ولهذا لا يجب إذا لم يحتمل التأثير فان معه لا يمكن الامر حقيقة.
وبالجملة لا شبهة في وجوب الامر بالمعروف فلابد وان يكون الانبعات ببعث الآمر في طول الاتيان بالعمل عبادة واطاعة لله تعالى غير مضر بالعبادية وهو المقصود.
ويويد عدم مضرية وقوع الشئ طاعة وامتثالا مع عدم رجوع جميع السلسلة إلى المطاع امر الله تعالى باطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله واولى الامر (ع)، فلو خرج المأتى
(1) سورة الزلزال – الاية 5.