المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص183
ولهذا لو فرض اعتقادهم بترتب تلك الاثار المطلوبة على افعالهم من غير توسيط فاعل ومن غير ربط أو اضافة إلى احد لا وجدوها طمعا للاثار وحرصا على الشهوات والمستلذات.
فلو فرضنا ان مفاتيح الجنة والنار بيد عدو الله الشيطان الرجيم ” والعياذ بالله ” وكان هو معطى الجنة ومدخل النار وكانت طاعة الله تعالى وعصيانه بلا جزاء اصلا، لكنه تعالى امران يعبدوه، بلا جزاء وان لا يعصوه بلا عقاب على عصيانه وامر بمخالفة الشيطان ونهى عن طاعته وكان الشيطان امر بمخالفة الله تعالى ونهى عن طاعته واعطى للمخالفين له تعالى الجنة وادخل المطيعين له تعالى النار: لعلم اولو الالبابان المطيع لله تعالى على الفرض كالكبريت الاحمر أو اندر منه.
ولعمري ان هذا واضح لمن تأمل في غايات افعاله وتدبر في حالات نفسه و مكائدها وليس هذا معنى دقيقا عرفانيا خارجا عن فهم الناس بل شئ يعرفونه مع التنبيه على المحرك الاصلى في الاعمال وتميزه عن غيره.
فالاضافة إليه تعالى اما ساقطة رأسا وكان المحرك التام هو رجاء الوصول إلى المشتهيات النفسانية والنيل إلى الشهوات والاهواء أو الخوف من التبعات والعذاب، كما ان الامر كذلك بحسب النوع، اولها نحو دخالة ضعيفة أو قوية على حسب مدارج العاملين وهو مقام المتوسطين، واما الخلوص التام فلا يناله الاكمل الاولياء بل لا يصدقه الا الاوحدي من الناس، جعلنا الله منهم، وعصمنا الله من انكار مقامات اوليائه عليهم صلواته.
والى ما اشرنا إليه يشير ما ورد عن المعصومين (ع) من تقسيم العبادة تارة إلى عبادة الاجير وعبادة العبيد وعبادة الاحرار واخرى إلى عبادة الحرصاء وهو الطمع والعبيد والاحرار، إذ من المعلوم ان الاجير لا يكون مطمح نظره في العمل الا النيل بالاجر ويكون عمله خالصا لاجل الاجرة من غير دخالة الاضافات، والحريص يرغب إلى المالمن أي طريق حصل ولا دخالة في اخماد نار حرصه للاضافات.
ومن كان ناظرا إلى اضافة الله والى كراهة المولى لا إلى متعلقاتها فهو