المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص149
من الاخبار، فان التقية عبارة عن الاحتراز والتجنب عن شر قوم مخالف للمذهب باتيان اعمال توافق مذهبهم من غير ان اكرهوه على اتيانها واوعدوه على تركها.
ففى رواية مسعدة بن صدقة المعتمدة (1) عن ابى عبد الله عليه السلام ” ان المؤمن إذا اظهر الايمان ” إلى ان قال: ” لان للتقية مواضع من ازالها عن مواضعها لم تستقم له وتفسير ما يتقى مثل ان يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله فكل شئ يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدى إلى الفساد في الدين فانه جائز “.
وظاهر التفسير سيما في مثل المقام انه بصدد بيان الحقيقة ولعله اعم من التقية الخوفية والمداراتية.
ويظهر من جملة من الروايات ان التقية مقابل الاذاعة وهى ايضا بوجه داخلة في التفسير، فانها عبارة عن كتمان المذهب خوفا وتجنبا من المخالف، واما الاكراه عبارة عن تحميل الغير عملا وايعاده على تركه بما يلجأه إلى العمل أو الايعاد على فعل شئ بما يلجأه على تركه، وايضا التقية واجبة حسب الادلة الكثيرة وراجحة في بعض الموارد، ودليل الاكراه رافع للحكم، فمقتضى دليل الرفع رفع الحرمة أو الوجوبعما اكره عليه، لا جعل الوجوب أو الاستحباب لفعله أو تركه.
ومقتضى دليل التقية جعل الحكم لانفيه، وايضا ظاهر ادلة التقية انها شرعت لحفظ دماء الشيعة واعراضهم واموالهم من غير خصوصية للمتقى، ودليل الرفع منة على المكره ولو حظ فيه حفظ نفسه وعرضه وماله، فبعد كونهما عنوانين مختلفين موضوعا وحكما وموردا وغاية: لا وجه لتسرية الحكم من التقية إلى الاكراه بل ظاهر قوله: انما جعلت التقية ليحقن به الدم (الخ) ان تشريعها لحفظ الدم سواء كان دم المتقى أو غيره من افراد الشيعة فإذا بلغت الدم أي صارت موجبة لاراقة ما شرعت لاجله فلا تقية.
واما نفى الاكراه لما شرع لحفظ مصلحة خصوص المكره فلا يكون بلوغه دم غيره مخالفا لتشريعه فحينئذ يكون هذا الحكم مختصا بالتقية وبقى دليل نفى ما اكرهوا على عمومه، ودعوى الغاء الخصوصية ممنوعة بل لا مورد لها، لان خصوصية
(1) الوسائل – كتاب الامر بالمعروف – الباب 25 – من ابواب الامر والنهى.