المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص76
وقبحه ان لزم ارتكابه وله نظائر تظهر بالتأمل.
ثم لو كان حكم الشارع بحرمته بملاك حكم العقل فلا محالة يتبعه فيه فكما ان قبحه بناء على اقوى الوجوه باق ولو مع عروض المصالح تكون حرمته ايضا باقية معذلك بناء على ما قويناه في باب تزاحم المقتضيات وباب الاهم والمهم من ان الحكم باق بفعليته في المزاحمين وفى الاهم والمهم جميعا وان كان المكلف معذورا في ترك المهم مع الاشتغال بالاهم وفى احد المتزاحمين مع الاتيان بالمزاحم الآخر فيكون الكذب على ذلك محرما فعلا وان كان معذورا في ارتكابه.
واما حديث وجوبه مقدمة لانجاء النبي صلى الله عليه وآله وهو لا يجتمع مع الحرمة قد فرغنا عن تهجينه ولو قلنا بوجوب المقدمة فلا تنافى بينه وبين حرمة الكذب لما قلنا من انه على فرض وجوبها يكون متعلقه هو عنوان الموصل بما هو، والتفصيل يطلب من مظانه ولكن الشأن
في كون الحكم الشرعي بمناط حكم العقل
إذ لا دليل عليه وليس حكم العقل بقبحه في ذاته بمثابة تكشف منه الحرمة الشرعية.
بل يمكن الاستيناس لعدم وحدة المناطين بما دلت في باب جواز الكذب في الاصلاح على حب الله تعالى الكذب في الاصلاح فانه لو كانت حرمته بمناط حكم العقللما صار محبوبا في شئ من الموارد، لان الكذب الاصلاحي على ذلك مبغوض بذاته وان كان العبد معذورا فيه، فالحكم بالمحبوبية دليل على ان حكم الشارع بالتحريم والتجويز ليس بملاك حكم العقل والحمل على المحبوبية بالعرض خروج عن ظاهر الدليل بلا دليل.
ودعوى ان القبيح عقلا لا يمكن ان يصير محبوبا شرعا: يمكن دفعها بانه وجيه لو كان المناط منحصرا بما ادركه العقل أو كان المناط بحيث يكشف حكم الشرع منه ولعل فيه مناطات اخر مجهولة علينا.
ثم بعد فرض عدم الدليل على وحدة المناط في حكم العقل والشرع لابد من اخذ اطلاق ادلة حرمة الكذب لو كان، وكذا الاخذ بالمخصص والمقيد والحكم بعدم الحرمة في موردهما.