المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص73
رواية الحارث الاعور (1) عن على عليه السلام قال: ” لا يصلح من الكذب جد ولا هزل ولا يعدن احدكم صبيه ثم لا يفى له ان الكذب يهدى إلى الفجور والفجور يهدى إلى النار وما يزال احدكم يكذب حتى يقال: كذب وفجر وما يزال احدكم يكذب حتى لا تكذب كذا ولعله لا تجد موضع ابرة صدق فيسمى عند الله كذابا “.
والظاهر من رواية ابى بصير ان قوله: فإذا كذب تفريع على قوله حتى يكتبمن الكذابين ومعناه انه بعد كتبه منهم إذا كذب قال تعالى: كذب وفجر ومعناه و لو بمناسبة المقام فسق فانه انسب من سائر معانيه فيظهر منه انه بعد كتبه منهم إذا كذب صار فاجرا فاسقا ; مع انه لو كان كبيرة صار المرتكب له بمجرد ارتكابه فاسقا فتدل هي والتى بعدها على ان مجرد تكرار الكذب لا يوجب الفسق بل لابد فيه من كونه مدمنا وكذابا مطبوعا على الكذب بل ظاهر الاولى انه بعد ذلك لابد من صدور كذب منه حتى يقال: انه فاجر، وتدل الروايتان على ان الاصرار الموجب للفسق في الكذب غير الاصرار في سائر المعاصي لو قلنا فيها بكفاية مطلق التكرار أو عدم التوبة، واحتمال ان المراد بقول الله: فجر انه اخزاه وهتك ستره كاحتمال ان يكون الفجور عند الله غير ما في ظاهر الشريعة وكاحتمال انه تعالى لا يقول بكل فاجر: انه فاجر فاسق خلاف الظاهر.
ويؤيد صغرة قوله في الرواية الثانية: الكذب يهدى إلى الفجور فانها مشعرة بعدم كونه منها بل تدل ايضا على عدم كونه في نفسه موجبا للنار، ويؤيده ان في كثير من الروايات جعل الكذاب موضوعا للحكم.
ويظهر من جملة من الروايات ان ما يخالف الايمان أو ما هو من علائم النفاقالمطبوعية على الكذب، كصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (2) قال: ” قلت لابي عبد الله عليه السلام: الكذاب هو الذى يكذب في الشئ قال: لا، ما من احد الا يكون ذلك منه ولكن المطبوع على الكذب ” وهى بمنزلة التفسير لما دل على ان الكذب
(1) الوسائل – كتاب الحج – الباب 140 – من ابواب احكام العشرة.
(2) الوسائل – كتاب الحج – الباب 138 – من ابواب احكام العشرة.