المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص68
وهى ان اختلاق الكذب مقصورة على الذين لا يؤمنون بآيات الله من غير اختصاص بالكذب على الله تعالى ويؤكد التعميم قوله: واولئك هم الكاذبون، لظهوره في ان الكاذب مقصور على غير المؤمن وان غير المؤمنين بآيات الله هم الكاذبون منحصرا، فيظهر منه ان الكذب مطلقا من خواص غير المؤمن، ولما كان في مقام تعظيم الكذبوتكبيره ولو بدعوى ان الكاذبين غير المؤمنين يفهم منه انه عظيمة كبيرة والا لما صحت الدعوى.
وهنا احتمال آخر فيها وهو انها بصدد رد القائلين وانشاء ذمهم لا الاخبار بامر واقعى حتى يحتاج في تصحيحها إلى التأول والدعوى نظير ما نسب إلى زينب الكبرى (ع) في جواب عبيدالله لعنه الله حيث قال الحمد لله (الخ) ” قالت: انما يفتضح الفاجر وهو غيرنا فانه ظاهر في انشاء الذم لا الاخبار عن واقعة ونظير قولك في رد من قال لك: انت بخيل: ان البخيل من ياكل مال الناس فان ذلك رد قوله بانشاء ذم بالجملة الخبرية لا الاخبار بان آكل مال الناس بخيل فيكون المقصود من قوله: انما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون رد قولهم بانشاء ذم لهم.
وهنا احتمال ثالث وهو ان الاية بصدد ردهم بجملة اخبارية وهى ان الذين يقولون: بانك مفتر ويقولون: يعلمه بشرهم يفترون الكذب في انتساب الافتراء، اليك وانهم الكاذبون، ولا يبعد ان يكون الاحتمال الثاني اقرب إلى الذوق في المقام.
ثم انه لو سلم رجحان الاحتمال الاول ولو بضميمة الروايتين المتقدمتين،يكون في دلالتها على حرمة الكذب مجال مناقشة لا مكان ان يكون المراد بدعوى قصر الكذب على غير المؤمن ونفى اتصاف المؤمنين به هو ان الكذب لما كان صفة خبيثة دنية يناسب ارذال الناس والمؤمن شريف كامل لا يناسب صدوره منه فسلب الصفة عنه ليس لكونه معصية كبيرة بل لكونه صفة ردية قبيحة قذرة لا تناسب مقام المؤمن وعليه لا تدل على كونه محرما نظير قوله: المؤمن لا يخلف الوعد، وانه لفى شغل عن اللهو والمؤمنون عن اللغو معرضون إلى غير ذلك.