المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص47
بيانه ان قول ابى جعفر عليه السلام على ما في رواية الصيقل (1) ” ما كذب ابراهيم عليه السلام ويوسف عليه السلام ” وما عن رسول الله صلى الله عليه وآله في رواية عطا (2) ” لا كذب على مصلح ” ثم تلا الآية المربوطة بقضيتهما ونفى الكذب عنهما الظاهر في نفيه حكما لا موضوعا: انما يصح في فرض كون قولهما بنحو التورية إذا اريد بنفى الموضوع النفى ادعاء مع ان التورية ليست بكذب حقيقة فلابد في تصحيح ذلك ان يقال: ان التورية مطلقا كذب ادعاء والمراد من نفيه عنهما في الروايتين نفى الحكم بلسان نفى الموضوع الادعائي ادعاء ” فتدبر ” ; مع ان مقتضى دعوى كونها كذبا جوازها عند ارادة الاصلاح فان الكذب كذلك، ومقتضى دعوى عدم كونها كذبا ادعاء عند ارادة الاصلاح عدم كون حكمها حكم الكذب الاصلاحي فيلزم منه نفى الجواز لارادة الاصلاح، لا اثباته لذلكبل لازمه التعارض بين الروايات والانصاف ان ما ذكرناه من الاستنتاج للتعميم: غير وجيه خارج عن المحاورات.
فتحصل من جميع ذلك عدم قيام دليل على الحاق ما ليس بكذب به تورية كان أو انشاء أو فعلا مع انه قد وردت التورية في روايات ظاهرة في جوازها مطلقا، كرواية محمد بن ادريس في مستطرفات السرائر نقلا من كتاب عبد الله بن بكير بن اعين (3) عن ابى عبد الله عليه السلام ” في الرجل يستأذن عليه فيقول للجارية: قولى: ليس هو ههنا قال: لا بأس ليس بكذب “، والظاهر ان المشار إليه كان محلا خاليا، حتى يخرج الاخبار عن الكذب، ومقتضى اطلاقها جواز التورية ولولا لارادة الاصلاح.
نعم في سند الروايات التى نقلها ابن ادريس من بعض الاصول ككتاب البزنطى وابن بكير وغيرهما كلام وهو انه لم يثبت عندنا ان تلك الاصول كانت معروفة في عصر ابن ادريس نحو كتاب
الكافي والتهذيب وغيرهما مما هي معروفة واضحة الصدور من اربابها
بحيث لم نحتج إلى العنعنة في اثبات كونها منهم، ولم يذكر ابن ادريس طريقه إليها، ومن المحتمل ان ثبوت كونها منهم عنده بوجوه اجتهادية و
(1) و (2) الوسائل – كتاب الحج – الباب 141 – من ابواب احكام العشرة – تقدم البحث في سندهما(3) الوسائل – كتاب الحج – الباب 141 – من ابواب احكام العشرة.