المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص39
ان كان الاستعمال خطاء يتصف بالكاذب والصادق وان القى الكلام بلا ارادة استعمال الفاظه في معانيه بل لغاية فهم المخاطب العارف بالمعنى لا يكون كاذبا على اشكال ولو القى الكلام ليكون كل لفظ منه حاكيا عن معناه الواقعي فالظاهر الاتصاف ان اراد من الالفاظ معانيها الواقعية وان لم يعرفها نظير الاستعمال في المعلوم بالاجمال أي واقعه المعلوم عند الله تعالى ومما ذكرناه من اعتبار الاستعمال
في المعنى المخالف للواقع في الكذب
لا يبقى اشكال في عدم كون التورية كذبا، ضرورة ان المورى استعمل الجمل في المعاني الموافقة للواقع ولو على خلاف قانون الوضع ولمحاورات كاستعمال اللفظ المشترك في غير المعنى المسؤل عنه مثلا فان قال في جواب قوله أزيد في الدار؟: ليس زيد في الدار مريدا غير ما في السؤال، أو قال: ليس في الدار مريدا غيره ليس كاذبا، لان المستعمل فيه موافق للواقع فرضا، والظاهر المخالف له غير مستعمل فيه، بل لو استعمل الالفاظ في معانيها واراد بحسب الجد غيرها بنحو من الادعاء لا يكون كاذبا وهو ظاهر، كما ان خلف الوعد ليس كذبا وهو معلوم، وكذا الوعد ولو مع اضمار عدم الانجاز لانه انشاء لا اخبار، هذا جملة من الكلام في موضوعه.
واما حكمه فحرمته في الجملة ضرورية لا تحتاج إلى اقامة الدليل عليها وان كان في دعوى حكم العقل بها نظر فالاولى البحث عن خصوصيات اخر.
منها الظاهر ان الادلة منصرفة عن الكذب عند نفسه مع عدم مخاطب بل الظاهر انصرافها عن التكلم به عند مخاطب لم يسمع الكلام لصممه أو لم يفهم معناه لعدم تميزه أو جهله به فان المتكلم بالجملة الكاذبة عند المذكورين ليس بمخبر وان صدر منه الكذب، والمنع عنه باحتمال ان يكون مراد الشارع عن المعنى عنه تنزه لسان المتكلم عن التقول بالكذب: احتمال عقلي غير مناف لانصرافها، وفى الروايات اشعارات وتأييدات لذلك كقوله: ” الكاذب على شفا مخزاة وهلكة ” (1) وقوله: ” من كثر كذبه ذهب بهائه ” (2) وقوله: ” ان مما اعان الله به على الكذابين النسيان ” (3) وقوله: ” ان الكذاب يكذب حتى يجئ بالصدق فلا يصدق ” (4)
(1) و (2) و (3) و (4) الوسائل – كتاب الحج – الباب 138 – من ابواب احكام العشرة سيأتي البحث في سندها انشاء الله.