المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص36
وليس المتكلم مهديا وهاديا باعتبارين، لان كلامه ليس هاديا له إلى الواقع أو إلى مدلوله التصديقي.
ويؤيد ذلك ما قال المحقق الطوسى رحمه الله (1) بلفظه: دلالة اللفظ كما كانت وضعية كانت متعلقة بارادة المتلفظ الجارية على قانون الوضع، فما يتلفظ به ويراد به معنى ما، ويفهم عنه ذلك المعنى يقال: انه دال على ذلك المعنى، وقول شارححكمة الاشراق (2) فالدلالة الوضعية تتعلق بارادة اللافظ الجارية على قانون الوضع حتى انه لو اطلق واراد به معنى وفهم منه لقيل انه دال عليه وان فهم غير، فلا يقال انه دل عليه.
وهما كما ترى ظاهر ان في ان الدلالة كما هي متوقفة على ارادة اللافظ متوقفة على فهم المخاطب فإذا لم يدل الكلام على مضمونه فعلا لا يعقل مطابقته للواقع ومخالفته، لكونهما متفرعتين على الحكاية والدلالة، ومع فقدهما لا يتصف الكلام بالصدق والكذب، والمتكلم بالصادق والكاذب بل لازم ذلك عدم الكذب في الاخبار التى لا تفيد المخاطب فايدة خبرية كقوله: السماء تحتنا لمن يعلم مخالفته للواقع.
فيعتبر فيه
ان يكون الكلام دليلا وهاديا بالفعل إلى الواقع ومع العلم ليس كذلك.
ويمكن ان يناقش فيه بان الكذب ليس عبارة عن مخالفة مضمون الجملة بعد الدلالة بهذا المعنى الذى ظاهر كلام العلمين المتقدمين أي بعد ارادة المتكلم وفهم السامع، بل الصدق والكذب عبارة عن موافقة مضمونها ومخالفته للواقع فحينئذ يقال: ان جملة ” السماء تحتنا والسماء فوقنا ” لا محالة يكون لهما مضمون ومعنى مع قطع النظر عن فهم السامع ; والالزم ان لا يفهم منهما معنى الا على وجه دائر، فإذا كان لهما مضمون فلا محالة يكون معنى تصديقي لا تصوري ولازمه مخالفة الاولىللواقع دون الثانية وهما الصدق والكذب، فإذا صدرتا من المتكلم بنحو الجد يتصف لا محالة بالصادق والكاذب فالدلالة بالمعنى المتقدم غير دخيلة في صدق الكلام والمتكلم وكذبهما.
(1) راجع منطق شرح الاشارات – في شرح الاشارة – 7.
(2) راجع هوامش اللئالى في المنطق – في مبحث الدلالات.