المکاسب المحرمة , الاول-ج2-ص31
وتوهم ان ما يحكيان عنه ليس بنحو الدلالة، بل بنحو الخطور لانس الذهن ; خلاف الوجدان وهو اصدق شاهد على عدم الفرق في الدلالة بين الكلام الصادر عن متكلم شاعر وبين الصادر من غيره، فبطل القول بان الالفاظ موضوعة للمعاني المرادة، أو الوضع عبارة عن التعهد بارادة المعنى من اللفظ، أو ان الدلالة عبارةعن ابراز ما في الضمير وما فيه حاك عن الواقع، مضافا إلى ان الكلام الصادر من المتكلم لا يحكى الا عن الواقع، ونفس الامر مستقيما من غير دلالة على المعاني الذهنية وصورها، وهو وجدانى جدا،
فيكون الصدق والكذب
من صفات الخبر اولا وبالذات، وانما يتصف المتكلم بكونه صادقا أو كاذبا لاجل اخباره، فلا محالة تكون سعة اتصافه بالصادق والكاذب تابعة لاخباره، لعدم امكان ان يكون الخبر صادقا وقد اخبر به المتكلم، ومع ذلك لا يكون صادقا وكذا في الكذب.
لكن ترى في العرف والعادة عدم اطلاق الكاذب على الخاطى والمشتبه، فلا يقال لمن صنف كتابا مشتملا على احكام اجتهادية مخالفة للواقع: انه كاذب، ولا لمن اخبر باعطاء شئ لزيد غدا فمنعه مانع عنه: انه كذب وان كان معذورا.
وبالجملة ان العرف يطلقون على مثله الخطاء والاشتباه أو نحوها، ولا يقال: انه كاذب أو كذب فلان، ولازم ذلك ان يكون امثال ذلك خارجة عن الصدق والكذب بالمعنى المصدرى، وان لم تخرج عن احدهما بمعنى حاصل المصدر أي نفس الكلام.
ويظهر من المنجد دخالة الاعتقاد فيه قال: كذب ضد صدق: اخبر عن الشئ بخلاف ما هو مع العلم به.
ثم ان ما ذكرناه غير مقالة النظام فانه لم يفرق بين الكلام والمتكلم أي بين الصدق والكذب وبين الصادق والكاذب، بل الظاهر عدم التزام احد به.
ويمكن ان يقال: ان عدم انتساب إلى المفتى بالاحكام المخالفة للواقع و كذا غيره المخبر بمقالة كاذبة مع اعتقاده صدقها وامثال ذلك: انما نشأ من ادب العشرة واحتراز الناس عن استعمال لفظ يشعر بالذم أو يدل عليه أو نتسابه إلى غيره ولو مع ارادة خلاف ظاهره واقامة قرينة عليه، والظاهر من قوله كذب فلان أو