المکاسب المحرمة , الاول-ج1-ص307
فالآيات الكريمة واردة في توبيخ من اشاع الفاحشة في المسلم بلا حجة وعلم، فهى غير مربوطة باصل الصحة، ولو كانت القضية مربوطة بمارية القبطية زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت عايشة افكة لم تدل الآيات على وجوب حمل فعل المسلم على الصحة ايضا بل واردة فيما ذكرناه، إذ لم يصدر فعل منها مرددا بين الصحيح والفاسد.
الا ان يقال: ان الافك في مارية راجع إلى مبدء ولدها، وهو مردد بينهما،والتوبيخ لاجل عدم حمل فعلها على الصحة، لكنه كما ترى بعيد عن ظاهر الآيات كما لا يخفى، فان الظاهر منها ان القول بلا علم وحجة افتراء وافك، وان التوبيخ ورد لذلك، لا على القول مع الحجة والعلم على الخلاف، بل يحتمل ان يكون مبنى التوبيخ قيام الاستصحاب العقلائي أو الشرعي على عدم صدور القبيح بناء على ان البناء على العدم كاف في اثبات كون النسبة افكا (تأمل) بل لقائل ان يقول: ان الآيات تدل على عدم حجية اصالة الصحة في الاقوال، والا فمقتضى جريانها فيها و اماريتها على الواقع ثبوت الواقع بها، فيخرج الموضوع عن الافتراء، ولا وقع للتوبيخ مع حجيتها.
ثم لو قلنا: بجريان اصالة الصحة في الاقوال والافعال مطلقا فالقدر الثابت منها ومن بناء العقلاء هو البناء على الصحة الواقعية وترتيب آثارها
في خصوص مورد المشكوك فيه ومورد جريان الاصل
فإذا شك في صحة الصلوة وفسادها تحمل على الصحة واقعا ويترتب عليها آثارها، واما لو كانت صحتها ملازمة لعنوان آخر فلا يثبت بها فلو صلى وشك في صحتها من اجل دخول الوقت وعدمه تحمل على الصحة الواقعية لكن لا يثبت بها دخوله ولا كون المصلى على طهر أو لباسه من محلل اللحم لو شكفيها، فعليه لا يترتب على صحة قول المغتاب جواز الاستماع، لان جريان اصالة الصحة في قوله بما انه فعل صادر منه وحركة من حركاته فيحمل على انه مباح من هذه الجهة لكن لا يثبت بها ان مقوله موافق للواقع وان المغتاب بالفتح جائز الغيبة أو متجاهر مثلا، فان جواز الاستماع مترتب على كون المغتاب بالفتح جائز الغيبة أو على كون قوله كاشفا عن كون غيبة المغتاب من مستثنيات حرمتها وليس مترتبا على صحة