المکاسب المحرمة , الاول-ج1-ص268
عرفا، وقوله: ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة (الخ) (1) وهو المتفاهم من جل الروايات لفظا وسياقا وبمناسبات الحكم والوضوع فراجع ما وردت في حرمتها، وما وردت في وجوب ردها تجد صدق ما ذكرناه.
نعم هنا بعض روايات يمكن ان يكون منشأ توهم عدم اعتباره: منها رواية الفضيل (2) عن ابى الحسن موسى عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك من اخواني يبلغني عنه الشئ الذى اكرهه الرجل فاسأله عنه فينكر ذلك، وقد اخبرني عنه قوم ثقات فقال لى يا محمد: كذب سمعك وبصرك عن اخيك فان شهد عندك خمسون قسامة فقال لك قولا فصدقه وكذبهم، ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به و تهدم مروته فتكون من الذين قال الله: ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والاخرة.
بدعوى انها في صدد بيان حرمة الغيبة ومقتضى اطلاق صدرها ان مجرد ما يوجب شياع الفاحشة حرام وداخل في مفاد الاية أو يقال: ان سلم عدم كونها في مقام بيان حرمة الغيبة لكنها في مقام بيان حرمة اذاعة الفاحشة.
ومقتضى اطلاق صدرها حرمة ذكر عيب الغير سواء كان بقصد الانتقاص ام لا، فيكشف من اطلاق الرواية اطلاق الآية والمعنى المراد منها وهو ان المراد باشاعتها مطلق فعل ما يوجب شياعها سيما مع ذكر الآية بنحو التفريع على الرواية والمتفرع على شئ يتبعه في الاطلاق والتقييد.
مع امكان ان يقال: بقيام قرينة عقلية على التعميم وهى ان لا فائدة في التنبيه على دخول القاصد لاشاعة الفاحشة في عموم الآية، وانما يحسن التنبيه على ان قاصد السبب أي فعل ما يوجب اشاعة الفاحشة قاصد لاشاعتها بالحمل الشايع وان لم يكن قاصدا لها بالحمل الاولى، وكيف كان فمطلق ذكر عيب الغير سواء كان بقصد الانتقاص ام لا بل ولو كان بقصد الترحم والتلطف داخل في اطلاق الصدر، واطلاقه كاشف
(1) سورة النور – الاية 18 (2) الوسائل – كتاب الحج – الباب 157 – من ابواب احكام العشرة.