المکاسب المحرمة , الاول-ج1-ص205
وبعبارة اخرى ان الظاهر من الاخبار هو ان الغناء تمام الموضوع لصدق قول الزور عليه ومستعمل فيه، فعلى الاحتمال الذى رجحه الشيخ لابد من رفع اليد عن هذا الظاهر مع عدم حفظ ظهور الآية ايضا، فان ظاهرها حرمة قول الزور والحمل على الغناء بما ذكر حمل على غير مدلولها بحسب فهم العرف بل هو حملها على قسم خاص منه (تأمل)، وبين حفظ ظهور الاحبار وحملها على الغناء بالمعنى الحقيقي المعروف مع حفظ ظاهر الآية من حيث تعميمها بالنسبة إلى جميع الاقوال الباطلة، وان نعممهما لامر آخر لم نعممها له لولا الاخبار، وهو ارادة الزور باعتبار الوصف الحاصل له وهو الغناء، والحاصل انه بناء على ما رجحه الشيخ في معنى الآية بضميمة الروايات ان الغناء ليس قول الزور ولا هو قول الزور، واما على ما ذكرناه انه هو لاتحادهما خارجاوصدق احدهما على الآخر بالحمل الشايع، ولو فرضت المناقشة فيما ذكرناه فلا اقل من دخول الغناء تعبدا فيه، ومقتضى اطلاق الادلة انه بذاته وبلا قيد قول الزور.
نعم هنا اشكال آخر وهو ان قول الزوران كان مطلق الباطل المقابل للحق والمراد بالباطل ما لا يكون فيه غرض عقلائي وما دخالة له في المعاش والمعاد: فلا شبهة في عدم حرمته بهذا الاطلاق، وبهذا العرض العريض فيدرو الامر بين حفظ ظهور هيئة الامر في قوله: واجتنبوا قول الزور في الوجوب، وتقييد قول الزور بقسم خاص وهو المحرمات الشرعية، فتكون الآية لبيان اجمال ما فصل في الشريعة من المحرمات كقوله تعالى ويحرم عليهم الخبائث (1) بناء على ان المراد بها المحرمات وبين حفظ اطلاق قول الزور وحمل الامر على الرجحان المطلق، ولا ترجيح للاول ان لم نقبل انه للثاني، لشيوع استعمال الامر في غير الوجوب وبعد رفع اليد عن الاطلاق، وعليه لادلة للاية الكريمة ولا للاخبار الدالة على ان قول الزور الغناء على حرمته.
ويمكن ان يجاب عنه بان سياق الآية وذكر قوله: واجتنبوا قول الزور في تلو اجتنبوا الرجس من الاوثان: يوجب قوة ظهور في ان الامر للوجوب سيما مع اشعار مادة الاجتناب بذلك، فيصير قرينة على ان المراد من قول الزور ليس مطلق
(1) سورة الاعراف – الاية 156.