المکاسب المحرمة , الاول-ج1-ص161
لان حقيقة المعاوضة ونحوها كالهبة مجانا متقومة بتبديل الاضافات الحاصة، فالبيع عبارة عن مبادلة مال بمال أو عين بعين لا مطلقا، فان المبادلة المطلقة لا معنى لها ولا في ذاتهما أو اوصافهما الحقيقة، ولا في مطلق الاضافات بل في اضافة خاصة هي اضافة الملكية أو الاعم منها، ومن اضافة الاختصاص والهبة عبارة عن تمليك عين مجانا أو مقابل تمليك عين مثلا وحقيقتها ايضا نقل الاضافة الخاصةأو تبديلها وسيأتى التفصيل في مظانه انشاء الله تعالى، ويأتى ايضا بيان الحال في بيع الكلى في الذمة مما قد يقال انه ليس من قبيل التبادل في اضافة الملكية، ولو قلنا بان البيع تمليك عين بعوض وامثال ذلك: لا يوجب فرقا فيما نحن بصدده.
وكيف كان فمع عدم اعتبار العقلاء الملكية أو الاختصاص لشئ بالنسبة إلى شخص: لا يمكن تحقق العناوين المتقومة بهما وهو واضح، ولاريب في ان اعتبار الملكية وكذا الاختصاص لدى العقلاء: ليس جزافا وعبثا بل للاعتبارات العقلائية كلها منا شئ ومصالح نظامية ونحوها، فاعتبار الملكية والاختصاص فيما لا ينتفع به ولا يرجى هي منه رأسا ولايكون موردا لغرض عقلائي نوعي أو شخصي: لغو صرف و عبث محض، فمثل البرغوث والقمل ليس ملكا لاحد، ولا لاحد حق اختصاص متعلق به، فما ربما يقال: ان للانسان حق اختصاص بالنسبة إلى فضلاته: ليس وجيها على اطلاقه فالنخامة الملقاة على الارض ليست ملكا لصاحبها، ولا له حق اختصاص بها، اعرض عنها ام لم يعرض، وبالجملة اعتبار الملكية وحق الاختصاص تابع لجهة من جهات المصالح، وما لا نفع فيه مطلقا ولا غرض لاحد في اقتنائه: لا يعتبر ملكا ولا مختصاباحد، فاساس المعاملات المتقومة بالاضافتين منهدم رأسا بل الظاهر عدم صدق شئ من عناوين المعاوضات والمعاملات مع فقد المالية مطلقا، فاعطاء قمل واخذ برغوث ليس بيعا ولا معاقدة ولا تجارة لدى العرف والعقلاء، لما عرفت من عدم مناط الاعتبار فيما لا نفع ولا مالية له.
فما قيل من ان البيع عبارة عن تبديل عين بعين من غير اعتبار المالية فيهما ساقط