المکاسب المحرمة , الاول-ج1-ص137
من كفاية ترهيب الله تعالى ونهيه في اللطف.
ثم ان العقل لا يفرق بين الرفع والدفع بل لا معنى لوجوب الرفع في نظر العقل فان ما وقع لا ينقلب عما هو عليه، فالواجب عقلا هو المنع عن وقوع المبغوض سواء اشتغل به الفاعل أو هم بالاشتغال به وعلم بكونه بصدد وكان في معرض التحقق، وما يدركه العقل قبحه هو هذا المقدار الذى ادعاه شيخنا الانصاري لا التعجيز بنحو مطلق حتى يشمل مثل ترك التجارة والزراعة والنكاح إلى غيرذلك.
نعم الظاهر عدم الفرق بين ارادته الفعلية وما علم بتجددها بعد البيع سيما إذا كان البيع سببا له كما مر، ولو بنينا على ان وجوب النهى عن المنكر شرعى فلا ينبغى الاشكال في شمول الادلة المدفع ايضا لو لم نقل بأن الواجب هو الدفع بل يرجع الرفع إليه حقيقة، فان النهي عبارة عن الزجر عن اتيان المنكر وهو لا يتعلق بالموجود الا باعتبار ما لم يوجد، فان الزجر عن ايجاد الموجود محال عقلا و عرفا، فاطلاق ادلة النهى عن المنكر شامل للزجر عن اصل التحقق واستمراره، فلو علم من احد ارادة ايجاد الحرام وهم به واشتغل بمقدماته مثلا: وجب نهيه عنه، فان المراد بالمنكر الذى يجب النهي عنه طبيعته لا وجوده، بل لو فرض عدم اطلاق فيها من هذه الجهة وكان مصبها النهى عن المنكر بعد اشتغال الفاعل به: لا شبهة في الغاء العرف خصوصية التحقق بمناسبات الحكم والموضوع، فهل ترى من نفسك انه لو اخذ احد كأس الخمر ليشربها بمرئى ومنظر من المسلم يجوز له التماسك عن النهى حتى يشرب جرعة منها ثم وجب عليه النهى، وهل ترى عدم وجوب النهى عن المنكر في الدفعيات والوجودات الصرفة الدفعية، ولعمري ان التشكيكفيه كالتشكيك في الواضحات.
ثم لو قلنا بوجوب دفع المنكر فتارة يكون بوجوده السارى منكرا كشرب الخمر وتخميرها، واخرى بصرف وجوده، وعلى الاول تارة يكون المشترى مريدا لتخمير كل عنب يشتريه، واخرى لا يريد الا تخمير مصداق واحد، لا ينبغى الاشكال