المکاسب المحرمة , الاول-ج1-ص38
ففى كل مورد ليس الدليل الا الادلة العامة يحكم بجواز الانتفاع به، وجواز البيع في ما ينتفع به، كالبول مما لا يؤكل كل لحمه والمنى، لعدم الدليل فيهما بالخصوص، فيجوز الانتفاع بهما في غير الشرب والاكل، وبيعهما، لو فرض لهما منفعة عقلائية كمنى الحيوانات للتلقيح المتعارف في هذا العصر.
بقى الكلام في موارد خاصة، وردت فيها روايات يجب التعرض لها بالخصوص.
منها الدم، والاظهر
فيه جواز الانتفاع به في غير الاكل، وجواز بيعه لذلك.
فان ما وردت فيه من الاية والرواية لاتدل على حرمة الانتفاع به مطلقا، فقد تقدم الكلام في الاية الكريمة، مع انه لم يكن في تلك الاعصار للدم نفع غير الاكل، فالتحريم منصرف إليه، ومنه يظهر حال الروايات الدالة على حرمة سبعة اشياء من الذبيحة، منها الدم، فان الظاهر منها حرمة الاكل، كما تشهد به نفس الروايات فان في جملة منها: لا يؤكل من الشاة كذا وكذا، ومنها الدم (1) وهى قرينة على ان المراد من قوله: حرم من الشاة سبعة اشياء: الدم والخصيتان (2) هو حرمة الاكل مع ان المذكورات لم يكن لها نفع في تلك الاعصار الا الاكل.
فلا شبهة في قصور الادلة عن اثبات حرمة ساير الانتفاعات من الدم، ويتضح مما ذكر ان النهى عن بيع سبعة اشياء منها الدم (في مرفوعة ابى يحيى الواسطي) (3) يراد به البيع للاكل، لتعارف اكله في تلك الامكنة والازمنة، كما يشهد به الروايات، فالاشبه جواز بيعه إذا كان له نفع عقلائي في هذا العصر، والظاهر من شتاب كلمات الفقهاء ايضا: دوران حرمة التكسب بالنجاسات مدار عدم جواز الانتفاع، كما مرت جملة من كلماتهم.
وبهذا يظهر لزوم ارجاع محكى اجماع النهاية في الدم على ذلك، سيما مع تعليله بعدم الانتفاع بهومنها العذرة، لا ينبغى الاشكال في جواز الانتفاع بارواث مأكول اللحم، وكذا جواز بيعها وساير القلب فيها عدى الاكل للسيرة المستمرة بين المسلمين
(1) و (2) و (3) الوسائل – كتاب الاطعمة والاشربة – الباب 31 – من ابواب الاطعمة المحرمة