جامع المدارک فی شرح المختصرالنافع-ج6-ص303
ولو لم يكن وارث سوى العاقلة والاب ففي المتن فإن قلنا إن الاب لا يرث فلا دية له، وحيث إن عدم وراثة الاب لا يوجب عدم الدية فالدية ترجع إلى الامام عليه الصلوة والسلام، ولا يطل دم مسلم، ومع وراثة الاب في المال الدية وغيرها يرث الدية ومع المنع في خصوص الدية يرث الامام صلوات الله عليه الدية.
وقد يذكر في وجه التردد في المتن من أن الاب هو الجاني ولا يعقل ضمان الغير له جناية جناها.
والعاقل إنما يضمن جنايته للغير، ومن إطلاق مادل على وجوب الدية على العاقلة للورثه، والاب منهم، فيرث لوجود السبب وانتفاء المانعوتنظر فيه بمنع الاطلاق بحيث يشمل محل الفرض، لندرته، ودم تبادره، فيختص بغيره مما هو الغالب، فيرجع حينئذ إلى مقتضى الاصل من لزوم الدية على الجاني دون غيره.
ثم في دعوى كون الاب هنا من الورثة بقول مطلق نظر، أما على القول بعدم إرثه مطلقا فظاهر، وكذا على القول بعدم إرثه من الدية خاصة، إذ هو بالنسبة إليها ليس من الورثة، وأما على القول بارثه منها فحسن، إن سلم منه ذلك كليا أو كان كذلك، وإلا فالدعوى من دنهما أو أحدهما مصادرة، وتسليم كونه وارثا فيما كان له ورثة غير العاقلة كالام والبنت مثلا لا يستلزم تسليم كونه وارثا هنا، فتأمل جيدا.
ويمكن أن يقال: أما ما ذكر من عدم معقولية ضمان الغير له جناية جناها ففيه أن المضمون له في الحقيقة المقتول خطا، والاب يرثه، فلا وجه لعدم المعقولية، كما لو أتلف الوالد مال ولده فمات الولد، فالوالد ضامن للوالد أولا، وهو المضمون له، ويرث المال المضمون.
ثم كيف يجتمع عدم المعقولية مع انحصار الوارث فيه مع المعقولية مع عدمالانحصار، ومع عدم المعقولية كيف يتصور إطلاق حتى منع من جهة الندرة وعدم التبادر، ومع المعقولية ووجود الاطلاق الندرة بحسب الوجود لا يوجب انصراف المطلق إلى الغالب، كما لا يخفى، ولعل لما ذكر أمر بالتأمل.