جامع المدارک فی شرح المختصرالنافع-ج3-ص78
الجوع بثمنه ليس مكرها عليه لان الداعي السابق على إرادة البيع هو الرضا وإن كان ما هو سابق على هذا الداعي غير الرضا.
ويمكن أن يقال: يشكل الفرق حيث أن الجائع يرى أنه يدور أمره بين الموت أو التألم من الجوع وبيع ثوبه فيرضى بالثاني فرارا عن أشد المحذورين كما أن المتوعد بالضرب مثلا يدور أمره بين التألم بالضرب وبيع ماله فيرضى بالثاني فرارا عن الاشد إلى الاضعف ففي كلتا الصورتين الداعي السابق على الارادة هو الرضا هذا مضافا إلى أنه خلاف ما سبق من القول بأن من عمل العمل العبادي متقربا إلى الله تعالى وكان الغرض من هذا أخذ الاجرة ليس عمله قربيا من جهة الانتهاء إلى الامر الدنيوي فمن انتهى أمره إلى أمر يكرهه كيف لا يكون مكرها؟ إلا أن يقال في صورة بيع الثوب لدفع التألم من الجوع الحكم ببطلان البيع خلاف الامتنان وحديث الرفع يدل على رفع الحكم في مقام الامتنان ولكنه يشكل بأن المتيقن الامتنان بالنسبة إلى النوع لاكل فرد، ألا ترى أن نزول المطر يكون امتنانيا بالنسبة إلى نوع البشر وإن كان موجبا للضرر بالنسبة إلى بعض أفراد البشر،وثانيا نقول غاية الامر عدم شمول حديث الرفع لكن الادلة الخاصة مثل قوله تعالى ” إلا أن تكون تجارة عن تراض ” يشمل هذا، مضافا إلى أن المكروه قد لا يرفع إلا مع الصحة كمن طلق امرأته خوفا من وقوعها في إرتكاب الفاحشة وقوعها فيها عليه أشد من الضرب المؤلم، إلا أن يقال بيع الجائع ثوبه وإن كان مكروها للبايع لكنه لا يصدق أنه اكره عليه، لكن هذا يدفع شمول حديث الرفع ولا يدفع شمول الاية الشريفة ” إلا أن تكون تجارة عن تراض ” إلا أن يتمسك بالاجماع وتخصيص الاية أو يتمسك بحديث الرفع من جهة الاضطرار حيث أن البايع مضطر إلى البيع وكذلك في ما ذكر من صورة عدم ارتفاع المحذور إلا بوقوع الطلاق صحيحا وحديث الرفع حاكم فتأمل جيدا.
وما يقال من الفرق من أن الفاعل قد يفعل لدفع الضرر لكنه مستقل في فعله ومخلى وطبعه فيه بحيث يطيب نفسه بفعله وإن كان من باب علاج الضرر وقد يفعل لدفع ضرر إيعاد الغير على تركه وهذا مما لا يطيب النفس به يشكل من جهة أن المستفاد من الاية الشريفة اعتبار الرضا وهذا غير الاستقلال في الفعل فالرضا بملاحظة دفع المحذور في كلتا الصورتين