جامع المدارک فی شرح المختصرالنافع-ج2-ص533
يكون الدم كفارة لها فبعد استحقاق العقوبة والشك في رفعه بمجرد التوبة يحكم العقل بتحصيل المؤمن فلابد من الاحتياط ونظير هذا ما قيل في باب الغيبة من لزوم استرضاء المغتاب وإن دل الدليل على كفايه التوبة (
)
وأما تحديد المبيت بأن يكون بمنى ليلا حتى تجاوز نصف الليل فالظاهر عدم الخلاف فيه ويدل عليه قول الصادق عليه السلام في خبر عبد الغفار الجازي (فإن خرج من منى بعد نصف الليل لم يضره شئ) (1) وفي خبر جعفر بن ناجية (إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل إلا وهو بمنى وإذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس أن يصبح بغيرها) (2) وفي صحيح العيص (إن زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح إلا وهو بمنى وإن زار بعد نصف الليل أو السحر فلا بأس عليه أن ينفجر الصبح وهو بمكة) (3) ولا يخفي أن المستفاد من الاخبار الواردة في المقام لزوم الكون بمنى حال انتصاف الليل.
وأما لزوم الكون بها في النصف الاول أو مطلق النصف فلا فإن هذا الصحيح يستفاد منه جواز الزيارة بعد نصف الليل كخبر عبد الغفار كما أن المستفاد من صحيح معاوية السابق جواز الخروج أول الليل مع الكون بمنى وقت انتصاف الليل، وحمل الاخبار على صورة الخروج عصيانا بعيد، وهذا غير ما يقال من أن أقصى ما يستفاد من النصوص ترتب الدم على مبيت الليالي المذكورة في غير منى بحيث يكون خارجا عنها من أول الليل إلى آخره فيقال: إن الواجب هذا المقدار وما ذكر وإن كان خلاف المشهور إلا أنه مع عدم مساعدة الدليل كيف يلتزم به، ومما ذكر ظهر ضعف ما قيل من عدم دخول مكة حتى يطلع الفجر.
ويجب
ثلاث
ويمكن أن يقال: لازم هذا وجوب الاحتياط فيما لو دل عام على حرمة شئ ودل المخصص على خروج بعض افراد العام، فالحجة قائمة على حرمة جميع الافراد، ومن المحتمل عدم صدور المخصص مع صدور العام فلا مؤمن بالنسبة إلى الفرد المخرج فيمكن أن يقال حجية المخصص من طرف الشرع مؤمن.
(منه قدس سره).
(1) و (2) و (3) التهذيب ج 1 ص 520 والاستبصار ج 2 ص 294 و 292.