جامع المدارک فی شرح المختصرالنافع-ج2-ص357
فمع التعارض في الصورة الثانية يجئ التخيير، ولا يبعد حمل بعض الاخبار الذي يستفاد منه الاكتفاء بستة أشهر على صورة قصد التوطن والاقامة دائما كصحيح حفص عن أبي عبد الله عليه السلام (في المجاور بمكة يخرج إلى أهله، ثم يرجع إلى مكة بأي شئ يدخل؟ فقال: إن كان مقامه بمكة أكثر من ستة أشهر فلا يتمتع، وإن كان أقل من ستة أشهر فله أن يتمتع) (1).
ولو كان له منزلان ووطنان منزل بمكة ومنزل في غيرها من البلاد لزمه فرض أغلبهما عليه
لا خلاف فيه، ويدل عليه صحيح زرارة المذكور سابقا وقد يقال: إنه في صورة الاقامة في مكة بالمقدار التي حكم فيه بأنه من أهل مكة محكوم بحكم أهلمكة وإن كان الغالب إقامته في غير مكة واستشكل صاحب الحدائق (قدس سره) بأن ههنا عمومين قد تعارضا أحدهما ما دل على أن ذا المنزلين متى غلب عليه الاقامة في أحدهما وجب عليه الاخذ بفرضه أعم من أن يكون أقام بمكة سنتين أو لم يقم، وثانيهما ما دل على أن المقيم بمكة سنتين ينتقل فرضه إلى أهل مكة أعم من أن يكون منزل ثان أم لا زادت إقامته فيه أم لا، وتخصيص أحد العمومين بالاخر يحتاج إلى دليل واستشكل عليه بأن المستفاد من الادلة السابقة كون مجاورة المدة المزبورة جهة مستقلة لانتقال الفرض وليست هي من أفراد أحد العمومين فعدم إجراء حكم المنزل عليه من حيث غلبة نزوله في الاخر لا يقتضي انتفاء جريان حكم أهل مكة من حيث المجاورة المذكورة إلا أن يدعى اختصاص حكمها بذي المنزل الواحد وهو مناف لاطلاق النص والفتوى.
قلت: فيه نظر لان كون المجاورة في المدة المزبورة جهة مستقلة لا يوجب الترجيح فإن ههنا جهتين المجاورة في المدة المزبورة وهي مقتضية لكون المجاور محكوما بحكم أهل مكة وغلبة الاقامة في البلد الاخر وهي مقتضية لكونه محكوما بحكم آخر ولا ترجيح في البين ولا يبعد أن يقال: بعد كون العمومين في كلام واحد
(1) التهذيب ج 1 ص 583 و 587.