جامع المدارک فی شرح المختصرالنافع-ج2-ص274
ومع ذلك حكم بعدم الاستطاعة ألا ترى أنه لو اجتمع جميع الشرائط ومعه لزم عليه التوقف وعدم المسافرة لحفظ نفس محترمة (1) هل يقال: إنه مستطيع وجب عليه الحج بحيث استقر عليه الحج ووجب عليه في العام القابل ولو لم يبق ماله المحتاج إلى صرفه.
ولو كان له طريقان منع من أحدهما سلك الاخر سواء كان أبعد أو أقرب ولو كان في الطريق عدو لا يندفع إلا بمال قيل: يسقط الحج وإن قل، ولو قيل يجب التحمل مع المكنة كان حسنا
أما ما ذكر أولا فوجهه واضح حيث تحققت الاستطاعة، وأما ما ذكره ثانيا فقد يوجه قول القائل بالسقوط بأن دفع المال إلى العدو ضرر منفي في الشريعة فمعه يرتفع التكليف ودفعه بأن السيرة في هذه الازمنة مستمرة على الدفع و سلوك الطريق مشكل لعدم العلم باتصالها بعصر الائمة صلوات الله عليهم.
ولا يبعد أن يقال: لا يؤخذ بقاعدة نفي الضرر في الموارد التي علم فيه الاهتمام، ألا ترى أنه لو توقف حفظ نفس محترمة أو عرض على دفع مال إلى غير مستحق هل يشك في لزوم الحفظ وإن كان مستلزما لضرر؟ نعم لو كان مما يكون تحمله حرجيا لا يبعد سقوط التكليف في المقام وإن لم نقل في حفظ النفس والعرض، ووجهه أن دليل نفي الضرر والحرج وإن كان حاكما على أدلة التكاليف والحكومة تخصيص لبا وإن لم يكن بلسانه ومع التخصيص لا مصلحة ولا مفسده ملزمتين حتى يلاحظالاهمية، لكنه في مورد الضرر والحرج الظاهر بقاء المصلحة والمفسدة، ألا ترى أنه لو فعل ما يوجب وقوعه في الضرر والحرج بواسطة التكليف فهل هو معذور كما لو دخل دارا يكره فيها على شرب الخمر.
وقد يمنع الحكومة من جهة احتمال أن يكون (لا ضرر) من قبيل (لا رفث ولا جدال) في الاية الشريفة الراجعة بالحج.
(1) ويمكن أن يقال: تارة يلاحظ حفظ النفس المحترمة فلعله مقدم على الحج، و اخرى يلاحظ اشتراط وجوب الحج شرعا بما ذكر، ففى صورة النذر أعنى مثل نذر زيارة قبر الحسين عليه السلام يوم عرفة فالحج لا يزاحم الزيارة وفيما هو شرط الوجوب أعنى الزاد والراحلة وغيرهما، بل المزاحمة من جهة صرف الوقت وهو شرط عقلي في الطرفين، فكيف يقدم الوفاء بالنذر.
(منه قدس سره).